السؤال
أريد أن أسأل سؤالا: فأهلي يجورون علي بسبب خلقتي، حيث إنني أنا الوحيدة في أخواتي التي لم تكن بخلقة حسنة، وحينما مرضت بشدة ألقت أختي علي بسب خلقتي وأن وجهي عليه غضب وأنني أحسدها، رغم أنني دائما أبقى في الغرفة بمفردي، وكل هذا من دون أي سبب على الرغم أنني في الحقيقة مظلومة في الحياة، حيث إنها تعلمت وكذلك أخي، فماذا أفعل معهم؟ وكذلك مع خلقتي، وهذه الأخت لا أريد أن أتكلم معها نهائيا، وحينما أسمع أن هذا حرام أشعر بضغوطات كبيرة جدا، لأن أختي هذه ظالمة، فهل حرام عدم الكلام معها؟ وماهي التعوdضات الأخروية؟ حيث إنني بنت ومن المؤكد أنني أريد شريكا للحياة لكن كيف؟ فأنا مبتلاة في خلقتي مما جعلني أقول إنني لن أتزوج أبدا، لأن أي رجل يريد الجميلة وأحيانا أقصر في عبادتي لله وذلك يجعلني أقول في نفسي إن ربي لن يرحمني كما في الدنيا، أرجو الرد سريع.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن يعيب عليك شيئا بسبب خلقتك، فإنه مسيء إساءة عظيمة، وهو بذلك إنما يعيب رب العالمين سبحانه الذي خلقك وإلا فلست بالتي خلقت نفسك حتى تؤاخذي بذلك، وما يدريهم فقد تكونين أفضل منهم وأكرم عند الله تعالى، فإنه سبحانه لا ينظر إلى مظهر الإنسان وشكله، وإنما المعتبر عنده جوهره ومخبره، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. رواه مسلم.
فأحسني العمل تنالي الجزاء العظيم عند رب العالمين، ولا تجعلي لليأس من رحمة الله سبيلا إلى نفسك، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، قال تعالى: ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون {يوسف:87}.
وقال سبحانه: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم {الأعراف:200}.
وغريب ما ذكرت عن أختك من أنها ترجع سبب مرضها إلى خلقتك أو أنك تحسدينها، ففي هذا نوع من التشاؤم، وهو محرم إضافة إلى اتهام الغير بالباطل، والله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم {الحجرات:12}.
فنوصيك أولا بالصبر عليهم ففضل الصبر عظيم، وقد بينا بعض النصوص الدالة على ذلك بالفتوى رقم: 18103.
وراجعي أيضا الفتوى رقم: 18721، لمزيد الفائدة.
وعليك بمناصحة من يسخر منك مذكرة له بقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون {الحجرات:11}.
وأما الزواج: فهو أمر مقدر لك كما الرزق، فقد يسوق الله إليك من يرضى بالزواج منك، وأمر الجمال نسبي، يتفاوت الناس في تقديره، هذا بالإضافة إلى أن الجمال الحقيقي جمال الأدب، وصدق من قال:
ليس الجمال بأثواب تزيننا إن الجمال جمال العلم والأدب.
وأما هجرك لأختك: فإنما يجوز في حال كونه لأمر شرعي كزجرها عن المعصية ونحو ذلك، فلا حرج في ذلك، وإن كان الهجر لغرض دنيوي فإنه لا يجوز، وراجعي الفتوى رقم: 7120.
وينبغي أن يراعى في الهجر تحقيق المصلحة الشرعية من عدمها، وانظري الفتوى رقم: 58252.
والله أعلم.