السؤال
أحب أن أزيد من العبادات ودائما أشعر بالسعادة من ذلك، وأشعر بأني أؤدي ما علي وأني مطيعة، و لكن دئما ما أشعر بالرياء. فماذا أفعل؟
أحب أن أزيد من العبادات ودائما أشعر بالسعادة من ذلك، وأشعر بأني أؤدي ما علي وأني مطيعة، و لكن دئما ما أشعر بالرياء. فماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المرء أن يتهم نفسه بالرياء ويفتش عنه في نفسه لأجل السلامة منه، فقد كثر خوف العلماء والعباد من هذه الأمة من الرياء في أعمالهم وكثر اتهامهم لأنفسهم لشدة خفائه وغموضه، وأحسن علاج لذلك كثرة الاستغفارمن الشرك الخفي ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل. فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
وروى البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار قال: انطلقت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر ! للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل. فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟ قال: قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. وصححه الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: قال الغزالي: ولذلك عجز عن الوقوف على غوائله سماسرة العلماء فضلا عن عامة العباد وهو من أواخر غوائل النفس وبواطن مكايدها.. إلى أن قال -أي المناوي-: قال ابن القيم: الشرك شركان: شرك متعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته في أفعاله، وشرك في عبادته ومعاملته... إلى أن قال: الشرك في عبادته أخف وأسهل فإنه يعتقد التوحيد، لكنه لا يخلص في معاملته وعبوديته بل يعمل لحظ نفسه تارة ولطلب الدنيا والرفعة والجاه أخرى، فلله من عمله نصيب ولنفسه وهواه نصيب وللشيطان نصيب وهذا حال أكثر الناس وهو الذي أراده المصطفى صلى الله عليه وسلم هنا، فالرياء كله شرك. انتهى.
ثم إنه يتعين البعد عن الوسوسة وترك العمل خوفا من الرياء، فإن ترك العمل خوفا من الرياء مذموم فقد قال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما. كما في شعب الإيمان.
والله أعلم.