0 381

السؤال

السؤال: يوجد في بلدتنا ثلاثة مساجد، مسجد لأهل السنة ومسجدان للصوفية، ومساجد الصوفية أئمتها يقولون للناس إن دعاء الأولياء في الشدائد جائز، والاستغاثة به وقول ممد يا حسين والتوسل بهم والتبرك بهم والطواف بقبورهم وشد الرحال إلى قبورهم جائز، بل مستحب ويحاربون أهل السنة حربا شعواء ويوجد بعض الكتب في مساجدهم تتبنى هذه العقائد الشركية وتدعو إليها وتورد شبها للرد على أهل السنة ويذهب إلى هذه المساجد بعض العامة من الناس والشباب وربما يقرؤون في مثل هذه الكتب الفاسدة فيقتنعون بما فيها من ضلال ولا يقبل الكثير منهم الحوار مع أهل السنة، بل ربما يصل الحال إلى عدم الصلاة في مسجد أهل السنة وتحريض الناس على عدم الصلاة فيه، فهل يجوز لنا أن نأخذ بعض هذه الكتب التي تدعو للضلال دون علم القائمين على أمر المسجد من الصوفية وإتلافها أو الاحتفاظ بها لعرضها على أهل العلم للرد على ما فيها من شبه وضلال؟ أم يعد هذا العمل سرقة ومحرم شرعا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا بيان حقيقة التصوف وتعريفه ونشأته وحكم الانتماء إلى فرقه، وذلك في الفتوى رقم: 29243.

وأما بخصوص جواب هذا السؤال: فإن كانت هذه الكتب الموجودة في المساجد مؤلفة لنصرة بدعة أو منكر، فلا حرج عليكم في إتلافها، بل قد يتعين عليكم ذلك، إذا لم يترتب عليه مفسدة أعظم، لئلا يغتر بها مغتر ولا يضل بها مفتر، وقد عقد ابن القيم ـ رحمه الله ـ فصلا في تحريق الكتب المضلة وإتلافها، في كتاب الطرق الحكمية وقال فيه: لا ضمان في تحريق الكتب المضلة وإتلافها.

قال المروذي: قلت لأحمد: استعرت كتابا فيه أشياء رديئة، ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمر كتابا اكتتبه من التوراة، وأعجبه موافقته للقرآن، فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم حتى ذهب به عمر إلى التنور فألقاه فيه، كيف لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما صنف بعده من الكتب التي يعارض بعضها ما في القرآن والسنة؟ والله المستعان.. وكل هذه الكتب المتضمنة لمخالفة السنة غير مأذون فيها، بل مأذون في محقها وإتلافها، وما على الأمة أضر منها، وقد حرق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان، لما خافوا على الأمة من الاختلاف، فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرق بين الأمة ... إلى أن قال: والمقصود: أن هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها، وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر، فإن ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها، كما لا ضمان في كسر أواني الخمر وشق زقاقها. اهـ.

ولما ذكر ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد قصة كعب بن مالك وما أرسله إليه ملك غسان من الكتاب الذي يدعوه فيه إلى اللحوق به، ومقولة كعب: فتيممت بالصحيفة التنور ـ قال: فيه المبادرة إلى إتلاف ما يخشى منه الفساد والمضرة في الدين، وأن الحازم لا ينتظر به ولا يؤخره، وهذا كالعصير إذا تخمر، وكالكتاب الذي يخشى منه الضرر والشر، فالحزم المبادرة إلى إتلافه وإعدامه. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الكتب المحرمة يجوز إتلافها، قال المالكية: كتب العلم المحرم كالتوراة والإنجيل يجوز إحراقها وإتلافها إذا كانا محرفين، وقال الشافعية: يجب إتلاف كتب الكفر والسحر والتنجيم والشعبذة والفلسفة لتحريم الاشتغال بها... اهـ.

وفيها أيضا عند ذكر أنواع الإتلاف المشروع المتفق على مشروعيته: ومن ذلك ما قالوه في إتلاف كتب السحر ونحوها مما لا ينتفع به... ونقل عميرة عن شرح المهذب: وكتب الكفر والسحر ونحوها يحرم بيعها ويجب إتلافها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات