السؤال
ما تقولون فيمن لا يقبل بصحة حديث أو ضعفه حتى يكون له أئمة من السلف يقتدي بهم في ذلك فيقول بقولهم، بناء على أن الطائفة المنصورة الناجية لا يخلو منها زمان وأن الحق معهم لا يغيب عنهم ولا يفارقونه وأن من مضى من السلف أولى به منا وأن ما ضعفوه فهو ضعيف إلى يوم القيامة وأن الصحيح عندهم صحيح إلى يوم القيامة لا يملك أحد تغييره؟ أجيبونا مأجورين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القول بتوقف بسد باب والتضعيف، والعكوف على ماسطره الأقدمون والاكتفاء به، ليس قولا جديدا، فقد سبق إليه الإمام العلامة ابن الصلاح كما جاء في مقدمته المشهورة (مقدمة ابن الصلاح) قال: فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف، وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة. ص28.
ويقول السيوطي في التدريب: فالحاصل أن ابن صلاح سد باب التصحيح والتحسين والتضعيف على أهل هذه الأزمان لضعف أهليتهم. ص1/149.
وهذا الذي ذهب إليه ابن الصلاح خالفه فيه أكثر العلماء من زمنه إلى يومنا هذا. يقول الإمام النووي بعد قول ابن الصلاح: من رأى من هذه الأزمان حديثا صحيح الإسناد في كتاب أو جزء لم ينص على صحته حافظ معتمد لا يحكم بصحته لضعف أهلية أهل هذه الأزمان. يقول الإمام النووي : والأظهر عندي جوازه لمن تمكن وقويت معرفته. وقال العراقي: وما رجحه النووي هو الذي عليه عمل أهل الحديث، فقد صحح جماعة من المتأخرين أحاديث لم نجد لمن تقدمهم فيها تصحيحا... التقييد والإيضاح.ص29
ويقول السيوطي: قال شيخ الإسلام (ابن حجر) قد اعترض على ابن الصلاح.ص/29.
كل من اختصر كلامه وكلهم دفع في صدر كلامه...." التدريب 1/145.
وبهذا يتضح أنه من تمكن من علم الحديث وقويت فيه معرفته فله أن يحكم بما أداه إليه اجتهاده من تصحيح للحديث أو تضعيفه، والله تعالى يدخر لبعض عباده ما يشاء من الفضل والتوفيق، ولله در المبرد الإمام النحوي الشهير حيث يقول: وإذ كانت العلوم منحا إلهية ومواهب ربانية فليس بمستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ما عز فهمه على كثير من المتقدمين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء... .إلخ.
والله أعلم.