السؤال
قرأت عدة فتاوى في موقعكم عن الاستخارة، لكن فيها أقوال مختلفة ولا أعرف ماذا أختار؟ فمرة قلتم لسائلة إن انشراح الصدر يسستأنس به، ومرة قلتم إنه يجوز الاعتماد عليه في الإقدام على الأمر، فهل بإمكاني أن أعتمد الطريقة التالية بعد الاستخارة وهي أن أمضي في الأمر حتى لو ضاق صدري وحتى لو وجدت أنه أمر معسر وحصلت بسببه مشاكل، إلا في حال أن أجد نفسي انصرفت عن الموضوع تماما ولا أجد في نفسي رغبة في العودة إليه؟ وهل يجوز أن أعمل بهذه الطريقة، لأنني قرأت أنكم قلتم إنه اذا استخار الشخص فلن يحصل ـ إن شاء الله ـ إلا ما هو خير له؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلم العلماء فيما يعتمده العبد بعد الاستخارة، هل هو انشراح الصدر وتيسر الأمر؟ أم أنه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه؟ والراجح عندنا أن الإنسان يمضي في الأمر بعد الاستخارة، ولا يترك الأمر الذي استخار فيه إلا أن يصرفه الله عنه، قال في مرعاة المفاتيح: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقيل: يفعل ما بدا له ويختار أي جانب شاء من الفعل والترك، وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله يكون خيره ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير، وهذا لأنه ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحا لجانب أو ميلا إليه، كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا أو يسمع صوتا من هاتف أو يلقى في روعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحا بعد تكرار الاستخارة، وهذا يقوي أن الأمر ليس موقوفا على الانشراح، وفي الجملة المذكورة في الحديث إنما هو أمر للعبد بالدعاء بأن يصرف الله عنه الشر، ويقدر له الخير أينما كان، وهذا اختاره ابن عبد السلام حيث قال: يفعل المستخير ما اتفق، واستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود في آخره: ثم يعزم، وأول الحديث: إذا أراد أحدكم أمرا فليقل ـ وقال الشيخ كمال الدين الزملكاني: إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر فليفعل بعدها ما بدا له سواء انشرحت نفسه له أم لا، فإن فيه الخير، وإن لم تنشرح له نفسه، وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس.
والله أعلم.