السؤال
يا شيخنا الفاضل والدتي مسجلة في الضمان الاجتماعي وتأخذ إعانة شهرية على أساس أنها أرملة، وفي الحقيقة هي متزوجة وليست أرملة، وقد مر على زواجها أكثر من خمس سنوات . وعندما أخبرتها أن هذا الأمر محرم قالت إنها سبق وأن أوصت إحدى قريباتها من أجل أن تسأل شيخا عن هذا، وسألت وقال لها الشيخ إنه يجوز إذا كان زوجها لا يصرف عليها . وهناك من قال لها إنه يجوز أخذه من الدولة وإ
نها تعتبر زكاة أو صدقه من الدولة . وهي حائرة وتريد أن تعرف الحكم الشرعي بوضوح .
فما حكم أخذها لهذا المال ؟
وما الواجب على أبنائها وبناتها إذا كانوا يعلمون عن ذلك وغير مبالين ؟
وفي حال اتضاح حرمة هذا المال هل يجب إبلاغ الجهات المختصة عن ذلك إن أصرت على أخذه ؟
وما هي عاقبة أخذه في الدنيا والآخرة؟ وما ثواب تركه لله خشية عقابه ؟
أرجو إفادتي في هذا الأمر بشكل مفصل حيث إنه يشغلني كثيرا.
وجزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم الإسلام والمسلمين .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت المعونة مخصصة لغير المتزوجات فلا يجوز للمتزوجة أخذها ولو كان زوجها لا ينفق عليها، فلها مطالبته بالنفقة وشكايته إلى القضاء .
وحيث إنها متزوجة فلا يجوز لها أخذ تلك المعونة ما لم تخبر الجهات المسؤولة بحالتها، فإن أذنوا لها في الانتفاع بها وإلا فلا، وكذلك ما أخذته سابقا بعد زواجها فعليها إعلام الجهات المسؤولة به فإن أبرؤوها منه فتبرأ ذمتها بذلك وإلا فيلزمها رده .لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي، والمال العام أشد حرمة من المال الخاص لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له، روى البخاري عن خولة الأنصارية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة.
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :(يتخوضون) : قال الراغب: الخوض هو الشروع في الماء، والمرور فيه، ويستعار في الأمور، وأكثر ما ورد فيما يذم الشروع فيه نحو قوله تعالى: {ذرهم في خوضهم يلعبون} [الأنعام: 91] اهـ. وفي التفعل مبالغة، والمعنى يشرعون ويدخلون ويتصرفون. (في مال الله) : أي ما في بيت المال من الزكاة والخراج والجزية والغنيمة وغيرها، (بغير حق) : أي بغير إذن من الإمام، فيأخذون منه أكثر من أجرة عملهم وقدر استحقاقهم.
فعلى أمك أن تتقي الله تعالى فيما تأخذه بغير حق، ولتنصحوها بالكف عن ذلك والتحلل من الجهات المسؤولة ما لم يبرئوها منه ولتكن النصيحة بحكمة وموعظة حسنة دون جدال أورفع صوت، وإذا لم تستجب فلا حرج في إعلام الجهات المسؤولة للتصرف وفق ما ينبغي ويعتبر ذلك من البر بالأم لأنه منع لها عن الظلم وحجزها عما فيه ضرر عليها في الدنيا والآخرة .
والله أعلم.