أشكركم جزيل الشكر على إتاحة الفرصة لنا لطرح أسئلتنا أسأل الله العلي القدير أن يجزيكم عنا خير الجزاء، أنا فتاة حينما كنت في مرحلة الثانوية قبل تسع سنوات تقريبا ـ ولله الحمد ـ بدأت أميل للتدين والالتزام والحمد لله على منه وكرمه وفي العام الماضي والحمد لله أنهيت حفظ القرآن الكريم والآن أراجعه، لأن حفظي ركيك ومراجعتي بطيئة، ومنذ تلك السنوات التسع بدأت تنتابني وساوس عند الصلاة بأن صلاتي غير منضبطة أو أنني نسيت ركعة أو سجدة فكنت أعيد الصلاة كثيرا حتى أتعب، وبعد ذلك قررت أن أعالج نفسي ولكنه كان علاجا خاطئا فقررت أن أحلف يمينا أن لا أعيد الصلاة ونجح العلاج لمدة قصيرة لكن صرت أحلف وبعد قليل أتراجع عن يميني وأقول سأكفر عنها إن شاء الله وأرجع وأعيد الصلاة، لأنني أشعر أن صلاتي خطأ وهكذا استمر الموضوع حتى زاد عندي الحلف على كل شيء والله إني أكتب لكم الآن وأنا أبكي لشدة خوفي من عذاب الله، صرت أحلف على كل شيء تقريبا حين أقرأ القرآن أظل أعيد حتى أمل من القراءة ـ أستغفر الله العظيم ـ فأحلف على أن لا أعيد، وعند قراءة الكتب أيضا أحلف حتى أصبحت أكره قراءة الكتب تعبت من حياتي ولا أدري كم سأكفر من كفارات، أشعر أن ذنبي عظيم جدا ولم يقم به أحد في الأرض غيري وأن أشد الناس ذنوبا ومعاصي لن يكونوا بسوء عملي هذا أريد أن أتخلص من هذه العادة السيئة ولكنني أشعر بضيق إذا لم أحلف قبل الصلاة على عدم إعادتها وأنني لابد أن أحلف وأشعر أن الشيطان سيقول لي عيديها لذلك أحلف، ومع هذا حتى إذا حلفت أحيانا أرجع وأعيد أقول الأحسن أن أ كفر عن يميني خير من أن أصلي صلاة خطأ، الله يجزيكم خيرا أجيبوني وأريحوا قلبي المتألم ماذا أفعل؟ وهل إذا جاءتني هذه الوساوس أكمل صلاتي ولا ألتفت لها؟ وهل ستقبل صلاتي إذا شككت فيها؟ وكم كفارات أقضي؟ لأن الأيمان التي علي عددها خيالي ولا أستطيع عدها وأصبحت أصوم كل إثنين وخميس لأقضي ما استطعت من هذه الكفارات، لأنني لا أملك قيمة إطعام ادعو الله لي أن يغفر لي ذنبي وأفيدوني كيف أتخلص من هذه المشكلة؟ وجزاكم الله خيرا.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فالوسوسة داء من أخطر الأدواء وأعظمها ضررا للعبد في دينه ودنياه، وليس لهذه الوساوس علاج أمثل من الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، فعليك إن كنت تريدين الشفاء من هذا الداء وأن ترضي ربك تعالى وتقهري الشيطان الرجيم الذي يزين لك هذه الوساوس ألا تلتفتي إلى شيء منها كائنة ما كانت وبالغة ما بلغت، فاطرحيها ولا تعيريها اهتماما على أي وجه عرضت لك وفي أي صورة أتتك، فمهما وسوس لك الشيطان ببطلان صلاتك أو وضوئك أو قراءتك أو أوهمك أنك أخللت بركن أو شرط من شروط العبادة فتعوذي بالله من شره وامضي في عبادتك غير ملتفتة إلى ما يلقيه في قلبك، ولا تستعملي القسم ولا غيره بل كوني حازمة مع نفسك في التداوي من هذا الداء فلا تصلي الصلاة إلا مرة واحدة مهما عظمت عندك الوسوسة، وبيسير من المجاهدة والاستعانة بالله تعالى ستتخلصين من هذه الوساوس، وللفائدة انظري الفتويين رقم: 134196، ورقم: 51601.

وأما الأيمان التي حلفتها وحنثت فيها فإن كنت حلفت أو حنثت تحت تأثير الوسوسة بحيث لم تكن لديك قدرة على دفع الحلف أو الحنث فلا يلزمك شيء، لأنك في معنى المكره، وإن كنت حلفت وحنثت باختيارك فعليك أن تتحري عدد الأيمان التي حلفت وحنثت فيها فتكفري عن كل واحد منها كفارة، ولو كفرت عن جميع هذه الأيمان كفارة واحدة كان ذلك مجزئا لك على مذهب الحنابلة الذين يرون تداخل الكفارة في هذه الحال ولك أن تأخذي بقولهم، وانظري الفتوى رقم: 164941.

وعليك أن تجاهدي نفسك في ترك الحلف والامتناع منه، لئلا توقعي نفسك في هذا الحرج.

والله أعلم.