السؤال
ما حكم من مات ولم يعرف حال إسلامه هل يصلى عليه أم لا وجزاكم الله خيرا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الميت قد عرف إسلامه لدى الناس، لكن خفي حاله عليهم من ناحية التزامه بشرائع الإسلام، فالأصل أنه مسلم، والمسلم يصلى عليه برا كان أو فاجرا، ومن باب أولى مستور الحال، قال ابن تيمية رحمه الله : وأما من كان مظهرا للفسق مع ما فيه من الإيمان كأهل الكبائر، فهؤلاء لا بد أن يصلي عليهم بعض المسلمين، ومن امتنع من الصلاة على أحدهم زجرا لأمثاله عن مثل ما فعله، كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على قاتل نفسه، وعلى الغال، وعلى المدين الذي لا وفاء له، وكما كان كثير من السلف يمتنعون من الصلاة على أهل البدع -كان عمله بهذه السنة حسنا.... انتهى
وقال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار: وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز ترك الصلاة على المسلمين المذنبين من أجل ذنوبهم، وإن كانوا أصحاب كبائر. انتهى
وقال أبو بكر بن المنذر في الأوسط: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة على المسلمين، ولم يستثن منهم أحدا، وقد دخل في جملتهم الأخيار والأشرار. انتهى
وقد روى البخاري من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ماعز الذي مات مرجوما، وفي صحيح مسلم أنه صلى على الغامدية بعد رجمها أيضا.
أما إذا لم يعلم أمسلم هو أم لا ؟ ومات في ديار المسلمين وكان به علامات الإسلام كالختان وغيره، فإنه يصلى عليه لاتفاق الظاهر مع الأصل، وكذلك إن لم يوجد عليه علامات كفر ولا إسلام عملا بالأصل -وهو الدار- أما إن وجد عليه علامات الكفر -كعدم الختان أوحمل الصليب- ففيه خلاف بين العلماء، فمن رأى عدم جواز الصلاة عليه عمل بالظاهر، وبهذا قال الإمام أحمد ومن رأى جواز الصلاة عليه عمل بالأصل وهو قول أصحاب الإمام أحمد ، كما أفاد ذلك ابن رجب في القواعد، وبه قال الشافعية. قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ولا فرق في ذلك بين أن توجد فيه علامات الكفر كالصليب أو لا لحرمة الدار. انتهى
أما إن مات في ديار الكفار ووجدت عليه علامات الإسلام، فقد اتفق الإمام أحمد والأصحاب على مشروعية الصلاة عليه عملا بالظاهر وإن خالف الأصل، لأن الأصل هنا -وهو وجوده في دار الكفر- عارضه أصل آخر وهو أن كل مولود يولد على الفطرة.
والله أعلم.