هل لأصحاب اليمين زوجات من الحور العين؟

0 378

السؤال

هل لأصحاب اليمين نساء الدنيا فقط؟ أم لهم من الحور العين بالإضافة إلى نساء الدنيا؟ وكم عددها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

 فكأن الذي أوجب لك هذا السؤال هو ما ذكره الله تعالى في سورة الواقعة حيث قال في جزاء المقربين: وحور عين {22}، كأمثال اللؤلؤ المكنون {الواقعة:23}. ولم يذكر تعالى الحور في جزاء أصحاب اليمين. وإنما ذكر ما يتمتعون به من النساء بقوله: إنا أنشأناهن إنشاء {الواقعة:35}، الآيات. فإن كان كذلك فاعلم أن هؤلاء النساء المذكورات في جزاء أصحاب اليمين قد اختلف فيهن، فقيل هن الحور العين، واستظهره أبو حيان، وقيل هن نساء الدنيا، ورجحه الألوسي.

قال أبو حيان في البحر: والظاهر أن الإنشاء هو الاختراع الذي لم يسبق بخلق، ويكون ذلك مخصوصا بالحور اللاتي لسن من نسل آدم، ويحتمل أن يريد إنشاء الإعادة، فيكون ذلك لبنات آدم. انتهى.

فعلى القول الأول فالأمر واضح، وعلى الثاني وهو أن المذكورات هن نساء الدنيا فلا يلزم من هذا أن أصحاب اليمين لا يزوجون بالحور. بل قد دل القرآن على تزوج أصحاب اليمين بالحور في الجنة، فإن الله تعالى ذكر في سورة الرحمن الجنتين اللتين هما جزاء المقربين من أول قوله: ولمن خاف مقام ربه جنتان {الرحمن:46}،  إلى قوله: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان {الرحمن:60}. ثم ذكر الجنتين اللتين هما جزاء أصحاب اليمين من أول قوله: ومن دونهما جنتان {الرحمن:62}.

قال ابن القيم رحمه الله: ولما كان الخائفون على نوعين مقربين وأصحاب يمين ذكر جنتي المقربين ثم ذكر جنتي أصحاب اليمين. فللمقربين الجنتان العاليتان ولأصحاب اليمين الجنتان اللتان دونهما. انتهى بتصرف يسير.

فإذا علمت هذا ففي ضمن وصف الله تعالى لجزاء أصحاب اليمين قال: فيهن خيرات حسان {الرحمن:70}، فبأي آلاء ربكما تكذبان {الرحمن:71}، حور مقصورات في الخيام {الرحمن:72}، فبأي آلاء ربكما تكذبان {الرحمن:73}  لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان {الرحمن:74}. كما أن الله تعالى وعد أهل الجنة بالحور العين، وهذا في القرآن كثير، ولم يخص تعالى بعض أهل الجنة بهذا الثواب دون بعض. فعلم بهذا أن التمتع بالحور من جزاء أصحاب اليمين كما هو من جزاء المقربين. وأما عدد ما يكون لكل واحد من الأبرار أصحاب اليمين من الحور في الجنة، فأقل ذلك اثنتان.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ثبت في الصحيحين من حديث أيوب بن محمد بن سيرين قال: إما تفاخروا وإما تذاكروا الرجال أكثر في الجنة أم النساء؟ فقال أبو هريرة: ألم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم" وما في الجنة عزب... والظاهر أنهن من الحور العين لما رواه الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا يونس عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب. انتهى.

وقد ورد ما يدل على أن لأهل الجنة من الحور أكثر من هذا العدد.

قال الحافظ في الفتح: روى أحمد من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا في صفة أدنى أهل الجنة منزلة وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا، وفي سنده شهر بن حوشب وفيه مقال، ولأبي يعلى في حديث الصور الطويل من وجه آخر عن أبي هريرة في حديث مرفوع: فيدخل الرجل على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله وزوجتين من ولد آدم. وأخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد رفعه إن أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم وثنتان وسبعون زوجة. وقال غريب. ومن حديث المقدام بن معد يكرب عنده للشهيد ست خصال الحديث. وفيه ويتزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين. وفي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه والدارمي رفعه: ما أحد يدخل الجنة إلا زوجه الله ثنتين وسبعين من الحور العين وسبعين وثنتين من أهل الدنيا. وسنده ضعيف جدا. وأكثر ما وقفت عليه من ذلك ما أخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث من حديث عبد الله بن أبي أوفى رفعه: إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء أو إنه ليفضي إلى أربعة آلاف بكر وثمانية آلاف ثيب وفيه راو لم يسم. وفي الطبراني من حديث ابن عباس: إن الرجل من أهل الجنة ليفضي إلى مائة عذراء.

وقال ابن القيم: ليس في الأحاديث الصحيحة زيادة على زوجتين سوى ما في حديث أبي موسى: إن في الجنة للمؤمن لخيمة من لؤلؤة له فيها أهلون يطوف عليهم.

قلت-الكلام ما زال للحافظ ابن حجر- الحديث الأخير صححه :الضياء، وفي حديث أبي سعيد عند مسلم في صفة أدنى أهل الجنة ثم يدخل عليه زوجتاه. والذي يظهر أن المراد أن أقل ما لكل واحد منهم زوجتان. انتهى.

وفضل الله تعالى واسع، والجنة فيها ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر، نسأل الله تعالى الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة