السؤال
حججت ـ ولله الحمد ـ العام الماضي إلى بيت الله الحرام وفي رمي الجمار كنت من المتعجلين وفي اليوم 12 رميت الجمار قبل صلاة صبح ذلك اليوم واختلفت الآراء في حكمي، فهل حجي صحيح؟ وماذا يترتب على فعله؟ وجزاكم الله خيرا.
حججت ـ ولله الحمد ـ العام الماضي إلى بيت الله الحرام وفي رمي الجمار كنت من المتعجلين وفي اليوم 12 رميت الجمار قبل صلاة صبح ذلك اليوم واختلفت الآراء في حكمي، فهل حجي صحيح؟ وماذا يترتب على فعله؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك رمي الجمار أو بعضها أو رميها في غير وقتها لا يفسد الحج، لكن إن كنت رميت الجمار لليوم الثاني من أيام التشريق قبل فجر ذلك اليوم فإن رميك غير معتد به شرعا، حتى عند أبي حنيفة القائل بجواز الرمي قبل الزوال في رواية عنه، لأنه يرى أن وقت الرمي يوم النحر يبدأ من طلوع الشمس، ووجه رواية جواز الرمي قبل الزوال في اليوم الثاني والثالث من أيام النحرعنده أن ما قبل الزوال وقت الرمي يوم النحر فكذلك اليوم الثاني والثالث، لأن الكل أيام النحر، أما على مذهب الجمهور فإن وقت رمي الجمار في أيام التشريق لا يبدأ إلا بعد زوال الشمس، وقد رخص فيه بعض العلماء قبل الزوال، لكن الراجح عدم الجواز، قال ابن قدامة في المغني: ولا يرمي في أيام التشريق إلا بعد الزوال، فإن رمى قبل الزوال أعاد، نص عليه وروي ذلك عن ابن عمر وبه قال مالك والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي وروي عن الحسن وعطاء إلا أن إسحاق وأصحاب الرأي رخصوا في الرمي يوم النفر قبل الزوال ولا ينفر إلا بعد الزوال وعن أحمد مثله. انتهى.
وفي الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ بعد أن ذكر عدم إجزاء الرمي قبل الزوال والدليل على أنه لا يجزئ قبل الزوال ما يلي: أن النبي صلى الله عليه وسلم: رمى بعد الزوال، وقال: لتأخذوا عني مناسككم ـ ثم استدل على ذلك بأدلة أخرى وقال: ولو جاز قبل الزوال لفعله صلى الله عليه وسلم، ولو مرة بيانا للجواز، أو فعله بعض الصحابة وأقره النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو القول الراجح، أعني القول بمنع الرمي قبل الزوال. انتهى
وفي بدائع الصنائع للكاساني: أما يوم النحر فأول وقت الرمي منه ما بعد طلوع الشمس قبل الزوال وهذا عندنا ...إلى أن قال: وأما وقت الرمي من اليوم الأول والثاني من أيام التشريق وهو اليوم الثاني والثالث من أيام الرمي فبعد الزوال حتى لا يجوز الرمي فيهما قبل الزوال في الرواية المشهورة عن أبي حنيفة، وروي عن أبي حنيفة أن الأفضل أن يرمي في اليوم الثاني والثالث بعد الزوال، فإن رمى قبله جاز وجهه، وجه هذه الرواية أن قبل الزوال وقت الرمي في يوم النحر فكذا في اليوم الثاني والثالث، لأن الكل أيام النحر، وجه الرواية المشهورة ما روي عن جابر ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة يوم النحر ضحى ورمى في بقية الأيام بعد الزوال، وهذا باب لا يعرف بالقياس بل بالتوقيف. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: يبدأ وقت الرمي في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق بعد الزوال، ولا يجوز الرمي فيهما قبل الزوال عند جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة على الرواية المشهورة الظاهرة عن أبي حنيفة، وروي عن أبي حنيفة أن الأفضل أن يرمي في اليوم الثاني والثالث ـ أي من أيام النحر ـ بعد الزوال فإن رمى قبله جاز، وهو قول بعض الحنابلة، وروى الحسن عن أبي حنيفة إن كان من قصده أن يتعجل في النفر الأول فلا بأس بأن يرمي في اليوم الثالث قبل الزوال، وإن رمى بعده فهو أفضل، وإن لم يكن ذلك من قصده لا يجوز أن يرمي إلا بعد الزوال، وذلك لدفع الحرج. انتهى.
ويرى الكثير من أهل العلم أنه إذا لم يصح الرمي لم يصح التعجل أيضا، لأنه يشترط لصحته أن يكون بعد الزوال والرمي.
وعليه؛ فإن كنت سافرت في ذلك اليوم فعليك دم لترك رمي اليوم الثاني عشر والثالث عشر، وعليك مد من طعام لترك مبيت الليلة الثالثة عشرة، قال الرملي الشافعي في نهاية المحتاج: والشرط أن ينفر بعد الزوال والرمي، وذكر الدمياطي في إعانة الطالبين أنه يشترط للتعجل شروط فقال: بشروط إذا فقد واحد منها تعين عليه مبيت الليلة الثالثة ورمي يومها، فإن نفر حينئذ لزمه دم لترك رمي اليوم الثالث، ومد لترك مبيت الليلة الثالثة إن بات الليلتين قبلها، وإلا لزمه دم أيضا لترك المبيت وهي أن يكون نفره بعد الزوال، وأن يكون بعد الرمي جميعه. انتهى.
ويرى بعض الفقهاء أن من تعجل يوم الثاني عشر قبل الرمي صح تعجله ويلزمه دم عن ترك الرمي ولم يلزمه دم لترك مبيت ليلة الثالث عشر، وبه أفتى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 171509.
فعلى هذا القول يجب عليك دم إن كنت بت ليلة الثاني عشر بمنى وطفت للوداع، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:129865.
والله أعلم.