السؤال
تزوجت منذ فترة وجيزة، ووفقني الله بالزوجة الصالحة التي كنت أريد، لكن اكتشفنا بعد مدة أن الحمل والولادة قد تسبب خطرا على حياتها بسبب عيب خلقي، فهل يجوز أن نمنع الحمل (بأي من الأساليب المتوفرة هذه الأيام) محافظة على حياتها، خاصة أنني أكن لها حبا عظيما، ولا أفكر في الانفصال عنها؟
أفتونا أثابكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام حث على الزواج ورغب في كثرة النسل، فقال جل وعلا: والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة [النحل:72]، وقال تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون [الروم:21]، وفي سنن أبي داود والنسائي عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا. ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة.
إذن فالولد مرغب فيه شرعا، ومحبب إلى النفوس طبعا، ولكنه إذا كان يشكل خطرا على حياة أمه، فإن العلماء أجازوا إجهاضه، لأن الأم هي الأصل في حياة الجنين والجنين فرع، فيضحى بالفرع من أجل الأصل، وهذا هو منطق الشرع كما أنه منطق الخلق، فالشرع ورد بارتكاب أخف الضررين وأهون المفسدتين.
وإذا كان الحمل من البداية يشكل خطرا على حياة المرأة، وثبت ذلك من أطباء ثقات، فإنه لا مانع من ذلك إذا لم نقل إنه يجب، لأن الله تعالى يقول: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا [النساء:30].
وقد احتج بهذه الآية عمرو بن العاص رضي الله عنه عندما امتنع من الغسل في ليلة باردة، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويبقى الإشكال في انقطاع نسل الزوج إذا لم تكن له زوجة أو زوجات أخريات، والذي ننصح به هو أن يتزوج ثانية يرزقه الله منها ذرية صالحة إن شاء الله.
والحاصل: أن للزوجة أن تستخدم ما يمنع الحمل، ولو كان مانعا مؤبدا إذا كان الحمل يعرض حياتها للخطر وأخبرها بذلك الأطباء الثقات، ولم يكن ما بها من مرض مما يرجى زواله، فإن كان يرجى زواله فلتستعمل الوسائل المؤقتة كالحبوب والعوازل ونحوها، وتراجع الفتوى: 4219.
والله أعلم.