السؤال
مع معرفة المسلمين بأنه لا يوجد الآن أحد في الجنة أو النار، فالسؤال: ما الذي رآه النبي عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء والمعراج في الجنة والنار؟ وهل هو إخبار؟ أم واقع لما رآه من المعذبين والمنعمين فيهما؟.
مع معرفة المسلمين بأنه لا يوجد الآن أحد في الجنة أو النار، فالسؤال: ما الذي رآه النبي عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء والمعراج في الجنة والنار؟ وهل هو إخبار؟ أم واقع لما رآه من المعذبين والمنعمين فيهما؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم عند المسلمين أن الجنة والنار موجودتان الآن ولا تبيدان ولا تفنيان، وصحيح أن المنعمين والمعذبين لا يدخلونهما إلا بعد البعث، ولا شك أن الله تبارك وتعالى كشف لنبيه صلى الله عليه وسلم عنهما ورآهما أكثر من مرة، ورأى أهل الجنة يتنعمون فيها وأهل النار يتعذبون فيها والله أعلم بكيفية ذلك، هل مثلا له فشاهدهما عيانا، أو رآهما بقلبه.
قال ابن عبد البر في التمهيد: والآثار في رؤيته صلى الله عليه وسلم للجنة والنار كثيرة، وقد رآهما مرارا، والله أعلم على ما جاءت به الأحاديث، وعند الله علم كيفية رؤيته لهما صلى الله عليه وسلم فيمكن أن يمثلا له فينظر إليهما بعيني وجهه كما مثل له بيت المقدس حين كذبه الكفار بالإسراء فنظر إليه وجعل يخبرهم عنه، وممكن أن يكون ذلك برؤية القلب، قال الله عز وجل: وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ـ ثم قال: والظاهر الأغلب أنه رآهما رؤية عين، لأن الرؤية والنظر إذا أطلقا فحقهما أن يضافا إلى رؤية العين إلا بدليل لا يحتمل تأويلا. اهـ
وفي الديباج على شرح مسلم: قال العلماء: يحتمل أنه رآهما رؤية عين كشف الله تعالى عنهما وأزال الحجب بينه وبينهما كما فرج له عن المسجد الأقصى حتى وصفه .. ويحتمل أن يكون رؤية علم وعرض وحي بأن عرف من أمورهما جملة وتفصيلا ما لم يعرفه قبل ذلك، قال والأول أولى وأشبه. اهـ
ونقل الزرقاني في شرح الموطأ عن القرطبي قال: ..فيرجع إلى أن الله خلق لنبيه إدراكا خاصا أدرك به الجنة والنار على حقيقتهما. اهـ
ولذلك، فإن الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم من الجنة والنار وما فيهما في ليلة الإسراء وفي غيرها هو رؤية حقيقية، ولكن هل كانت الرؤية ببصيرته أو ببصره؟
والله أعلم.