لا حرج في قول: إن الله يكتب أسماء الحجيج لكل سنة

0 314

السؤال

أمي وعمتي يتشوقان للحج، وليس لهما محرم، ولم ينزل اسمهما في القرعة، فقلت لهما حتى تصبرا: إن الله يكتب أسماء الحجيج لكل سنة. فهل يجوز قول هذا؟ وأنا أقصد أنه لن يحج إلى من كتب الله له ذلك وكتب اسمه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا حرج في مثل هذا القول، فقد ذكر أهل العلم أن الله تعالى يأمر الملائكة ليلة القدر بكتابة ما يكون في ذلك العام،  واستدلوا بقوله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين* فيها يفرق كل أمر حكيم {الدخان:3-4}، فقد أخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى، ثم قرأ: إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين* فيها يفرق كل أمر حكيم. يعني: ليلة القدر، ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: صحيح على شرط مسلم.

وقال الإمام القرطبي: قال ابن عباس: يحكم الله أمر الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ما كان من حياة أو موت أو رزق، وقاله قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم. ...قال ابن عباس: ينسخ من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج، يقال: يحج فلان ولا يحج فلان، وقال في هذه الآية: وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى. وهذه الإبانة لأحكام السنة إنما هي للملائكة الموكلين بأسباب الخلق. انتهى.

 وقال الماوردي في النكت والعيون: في تأويل: كل أمر حكيم ـ أربعة أوجه: أحدها: الآجال والأرزاق والسعادة والشقاء من السنة إلى السنة، قاله ابن عباس . الثاني: كل ما يقضى من السنة إلى السنة، إلا الشقاوة والسعادة، فإنه في أم الكتاب لا يغير ولا يبدل، قاله ابن عمر. الثالث: كل ما يقضى من السنة إلى السنة إلا الحياة والموت، قاله مجاهد. الرابع: بركات عمله من انطلاق الألسن بمدحه وامتلاء القلوب من هيبته، قاله بعض أصحاب الخواطر. اهـ.

  وقد أسند الإمام الطبري نحو هذا عن جماعة من التابعين، ثم قال: وعنى بقوله: فيها يفرق كل أمر حكيم ـ في هذه الليلة المباركة يقضى ويفصل كل أمر أحكمه الله تعالى في تلك السنة إلى مثلها من السنة الأخرى. اهـ.

 فالانسان لا ينال إلا ما كتب له، وجميع ما يصيب الإنسان من نعمة أو مصيبة فقد قدره الله تعالى، فقد قال الله تعالى: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير [الحديد:22]، وقال الله تعالى: ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم [التغابن:11]. وقال الله تعالى: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا {التوبة:51}.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة