السؤال
أنا في مشكلة غريبة جدا، وهى أني لا يعجبني شيء في نفسي أو أهلي، وأنسى فقط أن أقول ما شاء الله اللهم بارك إلا ويفسد هذا الشيء.
أنا أعانى من داء الحسد ولا أستطيع فعل شيء، دعوت الله كثيرا في بيته الحرام وأنا أشرب ماء زمزم وفي كل وقت أن يعافيني منه ولكن لا أزال أعانى منه.
لم أكد يعجبني شيء إلا وفسد.
فهل المفروض أن كل شيء يعجبني على مدار اليوم أو يخطر على بالي ولم يمر برهة من الزمن إلا وفسد ما يعجبني ولو عددت لما كفت المساحة من الكتابة. هل المفروض أن لو لم أقل اللهم بارك أو مثل هذا على شيء يخطر ببالي أن يفسد هذا الشيء حتى لو لم أقصد طبعا أن يزول هذا الخير؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك بالمواظبة على الدعاء بالبركة وقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله كلما أعجبك شيء. فقد أخرج أحمد والحاكم عن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يمنع أحكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه وماله فليبرك عليه، فإن العين حق. معنى فليبرك عليه: يدعو له بالبركة.
وعن عامر بن ربيعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق. رواه النسائي في عمل اليوم والليلة، والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وقال تعالى: ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله [الكهف: 39].
قال ابن كثير: قال بعض السلف: من أعجبه شيء من ماله أو ولده فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
وجاء في حديث رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الجامع... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علام يقتل أحدكم أخاه، ألا بركت.
و قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين، فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: "ألا بركت عليه" أي: قلت: اللهم بارك عليه. ومما يدفع به إصابة العين قول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. روى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئا يعجبه، أو دخل حائطا من حيطانه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. انتهى.
وعليك بالحرص على غض البصر وعدم التعرف على ما عند الناس، وأن تعتزليهم بقدر المستطاع.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: قال القاضي: في هذا الحديث من الفقه ما قاله بعض العلماء إنه ينبغي إذا عرف أحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويتحرز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس، ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيرا رزقه ما يكفيه ويكف أذاه عن الناس، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل الذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم دخول المسجد، لئلا يؤذي المسلمين، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر رضي الله عنه والعلماء بعده الاختلاط بالناس، ومن ضرر المؤذيات من المواشي التي يؤمر بتغريبها بحيث لا يتأذى بها أحد. وهذا الذي قاله هذا القائل صحيح متعين، ولا يعرف عن غيره تصريح بخلافه. والله اعلم. انتهى.
وأكثري سؤال الله أن يزيل ما بك، وإذا خرجت فواظبي على الدعاء الذي رواه أصحاب السنن الأربعة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي.
فيرجى لمن دعا بهذا الدعاء أن يسلم الناس من شره.
فقد جاء في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: قال الطيبي: إن الإنسان إذا خرج من منزله لا بد أن يعاشر الناس ويزاول الأمر فيخاف أن يعدل عن الصراط المستقيم، فإما أن يكون في أمر الدين فلا يخلو من أن يضل أو يضل، وإما أن يكون في أمر الدنيا فإما بسبب جريان المعاملة معهم بأن يظلم أو يظلم، وإما بسبب الاختلاط والمصاحبة فإما أن يجهل أو يجهل. فاستعيذ من هذه الأحول كلها بلفظ سلس موجز، وروعي المطابقة المعنوية والمشاكلة اللفظية. انتهى.
والله أعلم.