السؤال
أجد على ملابسي نقطة مذي أو مني عند الاستيقاظ من النوم أحيانا. فهل يجب علي غسلها؟ وأحيانا تختفي ولا أجد لها أثرا. فهل يجب علي غسلها أم لا حيث إنني لا أغسلها لأنني أرى أنها من يسير النجاسات المعفو عنها ولقوله تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج.
سؤالي: هل عملي وفهمي للآية صحيح أم لا؟ أفتوني وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففيما يتعلق بنقطة المذي إذا اطلعت عليها فيجب عليك غسلها إذا كانت موجودة حقيقة وعلمت مكانها، وإلا وجب غسل الثوب كله أو استبداله عند القيام للصلاة ، سواء كانت قليلة أو كثيرة ، بناء على أن الذي يعفى عن يسيره من النجاسات هو الدم فقط وهو قول الكثير من أهل العلم ، هذا في حال عدم مشقة الاحتراز من النجاسة وإلا فيعفى عما شق الاحتراز منه رفعا للحرج ، وهذا مما تناولته الآية الكريمة، لأن مما فسرها به العلماء كونه سبحانه وتعالى لم يجعل على المسلمين حرجا بتكليف ما يشق عليهم ولكن كلفهم بما يقدرون عليه ، وفي حال التمكن من تطهير النجاسة من غير مشقة فليس هناك حرج فلا يجوزالإقدام على الصلاة قبل التطهر منها، وليس هذا داخلا في معنى الآية الكريمة، إذ ليس في غسلها مشقة، أما على القول بالعفو عن قدر الدرهم فما دونه من النجاسة المغلظة وهو قول الأحناف فتصح الصلاة بالقدر الذي يعفى عنه هنا، وانظر الفتوى رقم: 49996، عن أقوال الفقهاء في العفو عن النجاسات، وكذا الفتوى رقم: 134899 ، وانظر الفتوى رقم :130304، والفتوى رقم : 67561، لبيان حكم تطهير المذي.
أما المني فإن تحققت من خروجه ، فيجب عليك غسل جميع البدن بنية رفع الجنابة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. أخرجه مسلم. ولا فرق في أن يكون المني قليلا أو كثيرا. وانظر الفتوى رقم: 24014.
ولا يجب عليك غسله من الملابس لأنه طاهرعلى الراجح ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 56000 ، لكن يستحب ذلك لاستقذاره ولأجل الخروج من الخلاف في نجاسته. وأما ما يتعلق بالبدن منه فإنه يذهب مع الغسل، إلا أن يصير حائلا بين وصول الماء للبشرة فيجب غسله حينئذ.
ولتتمة الفائدة ننقل لك كلام الإمام الشوكاني في فتح القديرعند تفسير الآية المذكورة : ثم لما كان في التكليف مشقة على النفس في بعض الحالات قال: وما جعل عليكم في الدين من حرج أي: من ضيق وشدة. وقد اختلف العلماء في هذا الحرج الذي رفعه الله، فقيل: هو ما أحله الله من النساء مثنى وثلاث ورباع وملك اليمين. وقيل: المراد قصر الصلاة، والإفطار للمسافر، والصلاة بالإيماء على من لا يقدر على غيره، وإسقاط الجهاد عن الأعرج والأعمى والمريض، واغتفار الخطأ في تقديم الصيام وتأخيره لاختلاف الأهلة، وكذا في الفطر والأضحى. وقيل: المعنى: أنه سبحانه ما جعل عليهم حرجا بتكليف ما يشق عليهم ، ولكن كلفهم بما يقدرون عليه ، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج، فلم يتعبدهم بها كما تعبد بها بني إسرائيل. وقيل: المراد بذلك أنه جعل لهم من الذنب مخرجا بفتح باب التوبة وقبول الاستغفار والتكفير فيما شرع فيه الكفارة والأرش 1 ، أو القصاص في الجنايات، ورد المال أو مثله أو قيمته في الغصب ونحوه. والظاهر أن الآية أعم من هذا كله، فقد حط سبحانه ما فيه مشقة من التكاليف على عباده، إما بإسقاطها من الأصل وعدم التكليف بها كما كلف بها غيرهم، أو بالتخفيف وتجويز العدول إلى بدل لا مشقة فيه، أو بمشروعية التخلص عن الذنب بالوجه الذي شرعه الله، وما أنفع هذه الآية وأجل موقعها وأعظم فائدتها، ومثلها قوله سبحانه: فاتقوا الله ما استطعتم 2 وقوله: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله: ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به 4 وفي الحديث الصحيح أنه سبحانه قال: قد فعلت كما سبق بيانه في تفسير هذه الآية، والأحاديث في هذا كثيرة.
والله أعلم.