الفراسة والإلهام في المنظار

0 333

السؤال

أود الإجابة عن موضوع لطالما أصابه الكثير من الكلام والتشويه ونريد إجابة صريحة في هذا الموضوع لأنه موضوع حساس ألا وهو معرفة المستقبل، وهل يجوز ادعاء معرفة المستقبل، وإذا كان لا يجوز فكيف نفسر معرفة الناس بأمور مستقبلية بل إن كتب التاريخ الإسلامي حافلة بالشخصيات التي صدقت أقوالها مع حوادث مستقبلية وخاصة معبري الرؤى كابن سيرين وغيرهم؟ وهل الاعتراض على المبدأ أم على الطريقة التي تتم بها معرفة المستقبل ؟ علما أني تعرفت على بعض الناس الذين لا تخطيء توقعاتهم وهي دقيقة إلى درجة كبيرة ويستخدمون طريقة في علم الرياضيات والفراسة، ويتم فيها استخراج أرقام وتواريخ وأسماء في غاية الدقة تنفي أي مجال لوجود الصدفة في الموضوع تتعدى مئات المرات. وقد روى ابن قيم الجوزية عن شيخ الإسلام ابن تيمية الكثير في كتابه. أرجو توضيح ملابسات الموضوع مع الشكر والتقدير ويذكر (ابن القيم الجوزية) في وصفه فراسة (ابن تيمية) روايات عديدة تشهد له بذلك. إذ يروي في (مدارج السالكين) في فصل الفراسة الخلقية عنه أنه: لقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أمورا عجيبة. وما لم أشاهده منها أعظم وأعظم. ووقائع فراسته تستدعي سفرا ضخما. أخبر أصحابه بدخول التتار الشام سنة تسع وتسعين وستمائة، وأن جيوش المسلمين تكسر، وأن دمشق لا يكون بها قتل عام ولا سبي عام، وأن كلب الجيش وحدته في الأموال. وهذا قبل أن يهم التتار بالحركة. ثم أخبر الناس والأمراء سنة اثنتين وسبعمائة لما تحرك التتار وقصدوا الشام: أن الدائرة والهزيمة عليهم. وأن الظفر والنصر للمسلمين. وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينا. فيقال له: قل إن شاء الله. فيقول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا. وسمعته يقول ذلك. قال: فلما أكثروا علي. قلت: لا تكثروا. كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ. أنهم مهزومون في هذه الكرة. وأن النصر لجيوش الإسلام. قال: وأطمعت بعض الأمراء والعسكر حلاوة النصر قبل خروجهم إلى لقاء العدو. وكانت فراسته الجزئية في خلال هاتين الواقعتين مثل المطر. ولما طلب إلى الديار المصرية، وأريد قتله - بعدما أنضجت له القدور، وقلبت له الأمور - اجتمع أصحابه لوداعه. وقالوا: قد تواترت الكتب بأن القوم عاملون على قتلك. فقال: والله لا يصلون إلى ذلك أبدا. قالوا: أفتحبس؟ قال: نعم، ويطول حبسي. ثم أخرج وأتكلم بالسنة على رءوس الناس. سمعته يقول ذلك. ولما تولى عدوه الملقب بالجاشنكير الملك أخبروه بذلك. وقالوا: الآن بلغ مراده منك. فسجد لله شكرا وأطال. فقيل له: ما سبب هذه السجدة؟ فقال: هذا بداية ذله ومفارقة عزه من الآن، وقرب زوال أمره. فقيل: متى هذا؟ فقال: لا تربط خيول الجند على القرط حتى تغلب دولته. فوقع الأمر مثل ما أخبر به. سمعت ذلك منه. وقال مرة: يدخل علي أصحابي وغيرهم. فأرى في وجوههم وأعينهم أمورا لا أذكرها لهم. وقلت له يوما: لو عاملتنا بذلك لكان أدعى إلى الاستقامة والصلاح. فقال: لا تصبرون معي على ذلك جمعة، أو قال: شهرا. وأخبرني غير مرة بأمور باطنة تختص بي مما عزمت عليه، ولم ينطق به لساني. وأخبرني ببعض حوادث كبار تجري في المستقبل. ولم يعين أوقاتها. وقد رأيت بعضها وأنا أنتظر بقيتها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا مانع من اطلاع بعض الناس علي الغيب النسبي  عن طريق الإلهام أو الفراسة أو الرؤيا الصادقة، ولا مانع من سؤال الله الاطلاع عليه، فمن الممكن أن يطلع الله على ذلك من يشاء الله تعالى من عباده .

وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس محدثون، فإن يكن في أمتي أحد منهم فهو عمر. والمحدثون الملهمون الذين يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضا من المغيبات. كأنما حدثوا بها. 

وكذلك الرؤيا الصادقة، فإن المرء يرى رؤيا تتضمن الإخبار عن أمر مستقبل فيحصل الأمر كما رأى الرائي وهذا كثير معروف، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.


و قال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 25660.

    والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة