السؤال
كنت أعمل في محل تجاري، وكان صاحب العمل ظالما ولا يعطينا إلا أقل القليل بعد عمل يصل 16 ساعة يوميا، وكان يعدنا أنه عندما يربح فسوف يكافئنا، وعندما يربح يبخسنا حقنا ولا يعطينا إلا ربع المكافأة التي وعدنا بها، وكان يثق بنا فأغواني الشيطان أنا وزملائي على سرقته فسرقت منه مبالغ أعجز عن حصرها ولو بالتقريب لمدة سبع سنوات من العمل معه، وأنفقت المال الحرام على نفسي وأهلي دون علمهم بمصدر هذا المال، وجهزت به شقتي وتزوجت منه، ثم طردني صاحب العمل ولكن بسبب كسلي في العمل، وحتى الآن لا يعرف أنني أنا وزملائي قد سرقناه، ولكنه رجل ظالم يقطع العيش بلا ذرة ضمير، وقد زنيت قبل زواجي بالمال الحرام، ولكنني تبت بعد زواجي ورزقني الله تعالى بولد رضيع، وأريد أن أعرف كيف أتوب من هذا كله؟ علما بأن صاحب العمل لو عرف لقتلني أو سجنني ولن يعفو عني وسيتم تدمير أسر زملائي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة حرام، وهي من الكبائر التي استحق صاحبها قطع يده في الدنيا، والعذاب في الآخرة، قال تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم {المائدة:38}. وقال تعالى: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم {المائدة:39}.
والحمد لله أنك وفقت للتوبة من هذا الذنب، ومن الذنب العظيم الآخر وهو فاحشة الزنا، ونسأل الله لك الثبات، ويلزمك مع التوبة رد المال المسروق إلى صاحبه، ففي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي.
وإن كنت لا تعلم قدره فاجتهد حتى ترد ما يغلب على ظنك أن ذمتك تبرأ به، ويمكنك إيصاله بطرق غير مباشرة ما دمت تخشى ضررا وحيفا عند إعلام صاحب الحق به، والمعتبر إنما هو إيصال الحق بأي وسيلة ولو غير مباشرة ولا يلزم أن تخبره بالسرقة.
وأما ما ذكرت من ظلم صاحب العمل، فالضابط فيه هو العقد الكائن بينك وبينه، لأن العقد هو شريعة المتعاقدين. وبالتالي، فإذا كان رب العمل قد أعطاك الأجرة المتفق عليها بينك وبينه فإنه لم يظلمك حقك ووعده بمكافأتك عند تحقق الربح لايلزمه الوفاء به ولا يعتبر حقا مترتبا في ذمته، وأما لو كان صاحب المحل قد منعك بعض أجرتك المستحقة عليه بالعقد فلك اقتطاعها مما في ذمتك ودفع الباقي إليه.
والله أعلم.