السؤال
ما رأي سماحتكم في قول القائل: (( إننا لسنا ملزمين بإقامة دولة أو كيان أو حزب وإنما ملزمون بإقامة الدين وعبادة الله وحده لا شريك له، وأما عن الأحزاب فإن كانت دينية فهي مبتدعة ضالة ومن سنن الجاهلية قال تعالى: ( أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) وقال تعالى ( كل حزب بما لديهم فرحون ) وإن كانت الأحزاب غير دينية فإنها إلحادية وأعظم كفرا وجاهلية ككثير من الأحزاب في هذا العالم الآن مثل الوطني والتجمع والحرية والعدالة والنور وغيرها من الأحزاب الجاهلية )) أرجو شيئا من التفصيل وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول هذا القائل إننا ملزمون بإقامة الدين إلخ كلام حق بلا شك، وهذه الغاية العظيمة التي هي إقامة الدين يجب على المسلمين الأخذ بما أمكنهم من الوسائل المشروعة لتحقيقها، فإذا كانت إقامة حزب إسلامي يتعاون أفراده على البر والتقوى ويهدفون من خلاله إلى تحكيم شرع الله تعالى ونصرة الحق ما وسعهم فهم محمودون على ذلك مأجورون إن شاء الله، ومن كان بهذه المثابة فليس داخلا في النصوص الدالة على ذم التحزب والناهية عن التفرق في الدين، لأن هذه الأحزاب تهدف إلى جمع الناس على كلمة سواء وهي تحكيم شرع الله تعالى، وتعمل على إقامة دينه والاجتماع على ذلك، والنصوص المذكورة وما شابهها إنما تذم التحزب الباطل للأهواء والمذاهب الباطلة، وأما التعاون على البر والتقوى بإقامة حزب يسعى إلى نشر الخير وجمع الكلمة على مقتضى الشرع فليس من هذا الباب بحال، وبه يتبين لك جواب ما سألت عنه ويظهر لك رأينا في هذا الكلام، وانظر الفتويين: 163601 ، 6512.
ولا يستقيم البتة أن توضع الأحزاب القائمة على أساس من تعظيم الشريعة والسعي لتحكيمها مع الأحزاب العلمانية ونحوها في سلة واحدة ويحكم على الجميع بأنها أحزاب جاهلية، فالعبرة ليست بمسمى الحزب لكن بما يهدف إليه هذا الحزب وما تجتمع عليه تلك الطائفة، والواجب على المسلمين إحسان الظن بإخوانهم العاملين لنصرة الإسلام وأن يكفوا عن أعراضهم ويحفظوا حرمتهم، ويدعوا لهم بالتوفيق والتسديد لا أن يكونوا حربا عليهم منفرين عنهم بما يطلقونه من الأوصاف الشنيعة كالتبديع والتضليل والتجهيل وما إلى ذلك، فهذا الكلام المذكور ونحوه في الأحزاب الإسلامية مع كونه إثما وظلما، فإنه مشتمل على التخذيل والتثبيط عن العمل للإسلام، فجدير أن يرد على قائله ويدعى للتوبة منه إلى الله تعالى.
والله أعلم.