السؤال
رجل كبير السن لا يعمل، ولكن يعتمد في مصروف حياته على ما يتصدق به عليه أقرباؤه. ولا يستطيع الصيام، وبينه وبين ابنه قطيعة، حلف ألا يدخل بيت ابنه. وقد سألناكم وأجبتمونا في الفتوى رقم: 177565.
فسؤالنا الآن: هل يمكنه أن يطعم مسكينا واحدا بعد كل فترة وفر فيها، أو استطاع استقطاع ذلك مما يجود له به الآخرون، إلى أن يكمل كفارة الحنث؟ وما مقدار الإطعام في كفارة اليمين وفدية الصيام؟ وهذا الرجل عاجز عن الصيام ويطعم عن رمضان. فهل إطعام كفارة الحلف مقدم على فدية رمضان ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للحانث أن يطعم في كفارته كل يوم مسكينا أو أكثر، أو يطعمهم من وقت لآخر وفي أوقات متفرقة حسب ما تيسر له فكل ذلك واسع إن شاء الله تعالى، والواجب أن يكون ذلك لعشرة مساكين، ولا يصح أن يكون لمسكين واحد - عند جمهور أهل العلم- ولكن لا يلزم أن يكونوا مجتمعين أو في وقت واحد.
قال ابن قدامة في المغني: وإن أطعم كل يوم مسكينا حتى أكمل العشرة أجزأه بلا خلاف نعلمه؛ لأن الواجب إطعام عشرة مساكين وقد أطعمهم.
ومقدار إطعام المسكين في كفارة اليمين عند كثير من العلماء هو 750 جراما تقريبا من الأرز أو ما يقابل ذلك من أوسط ما يطعم. ولو أطعم كل مسكين مرتين غداء وعشاء أجزأه.
وأما وجوب الإطعام على من عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فقد اختلف فيه أهل العلم؛ فمذهب الجمهور لزوم ذلك وجوبا للقادر عليه، وعند المالكية استحبابا فقط. ومقداره مد من الطعام، وهو ما يساوي 750 غراما تقريبا.
ويسقط بالعجز عنه عند القائلين بوجوبه كما رجحه النووي؛ لأنه فدية وجبت بغير جناية من العبد فسقطت بإعساره، انظر الفتوى: 131133. ولذلك فإذا كان هذا الرجل معسرا فإن إطعام العجز عن صوم رمضان يسقط عنه بالكلية.
وعلى القول بوجوبه وعدم سقوطه بالعجز؛ فالظاهر أن كفارة اليمين مقدمة عليه؛ لثبوتها بالنصوص القطعية وبالإجماع. ولأن إطعام العاجز عن الصوم ليس كذلك كما رأيت.
والله أعلم.