تأويل كلام عمر في الطلاق (فلو أمضيناه عليهم)

0 323

السؤال

جزاكم الله خيرا على جهودكم الطيبة، أريد أن أسأل فضيلتكم عن كيفية الطلاق صيغة ولفظا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وما التغيير الذي طرأ في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ أثابكم الله وسددكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:            

فإن كان مقصود السائل حصر جميع صيغ الطلاق الواردة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا موضوع يطول تتبعه ولا يتسع المقام لذكره، وإن كان المقصود السؤال عما ورد في صحيح مسلم وغيره عن ابن عباس أنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم.

فالجواب أن هذا الحديث ظاهر في أن الطلاق الثلاث كان في صدر الإسلام يحسب طلقة واحدة فقط، وقد استشكل أهل العلم كيف يقدم عمر ـ رضي الله عنه ـ على مخالفة ما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم في عصر أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وقد أجاب أهل العلم عن هذا الإشكال بعدة أجوبة أصحها ما ذكره الصنعاني في سبل السلام معلقا على هذا الحديث قال: الحديث ثابت من طرق عن ابن عباس، وقد استشكل أنه كيف يصح من عمر مخالفة ما كان في عصره صلى الله عليه وسلم ثم في عصر أبي بكر ثم في أول أيامه، وظاهر كلام ابن عباس أنه كان الإجماع على ذلك وأجيب عنه بستة أجوبة، إلى أن قال: الثالث ـ أن هذا الحديث ورد في صورة خاصة هي قول المطلق أنت طالق أنت طالق وذلك أنه كان في عصر النبوة وما بعده وكان حال الناس محمولا على السلامة والصدق فيقبل قول من ادعى أن اللفظ الثاني تأكيد للأول لا تأسيس طلاق آخر ويصدق في دعواه، فلما رأى عمر تغير أحوال الناس وغلبة الدعاوى الباطلة رأى من المصلحة أن يجري المتكلم على ظاهر قوله، ولا يصدق في دعوى ضميره، وهذا الجواب ارتضاه القرطبي، قال النووي: هو أصح الأجوبة. انتهى.

وحمل بعض أهل العلم الحديث على أن الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يوقعون طلقة واحدة بدل إيقاع الناس ثلاث تطليقات، ولم يكونوا يتلفظون بالطلاق الثلاث، ولم يحصل ذلك إلا في زمن عمر فأمضاه ثلاثا كما قال الإمام الباجي في المنتقى، وراجع الفتوى رقم: 60228.

وللتوسع في المسألة يمكن الرجوع لفتح الباري لابن حجر فقد بسط القول في المسألة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة