حكم شرب غير الرضيع لبن الرضاع

0 290

السؤال

أود السؤال عن حكم من شرب من لبن امرأة أجنبية سهوا منه، عن طريق شربه من كوب ملأته الأجنبية من صدرها لإرضاع طفلها وشربه الشاب جهلا منه.
هل يأثم بهذا، علما أنه بعد أن علم بحقيقة الحليب بات يشرب منه بغير علم الأجنبية كل يوم فقط حبا بطعم الحليب ومذاقه.
أعلم أن رضاعة الكبير ليست حراما ولا يحرم على من شرب لبنها. ولكن تعمد شرب لبن الأجنبية هل هو حرام أم حلال ؟
وهل هناك دليل على الحكم ؟
شكرا ..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن قيام هذا الشاب بشرب لبن المرضع الذي وضعته لرضيعها بدون إذنها لا يجوز لما فيه من الاعتداء، واستمراره في هذا الأمر يزيده إثما.

 وأما شربه للبنها بإذنها بما لا يضر رضيعها فلا بأس به، وقيل لا يجوز له شرب لبنها إلا لضرورة.

  قال المرداوي في الانصاف: قال في الرعاية الكبرى في باب النجاسة: اللبن طاهر مباح من رجل وامرأة. وقال في الفروع : وظاهر كلام بعضهم : يباح من امرأة . وقال في الانتصار وغيره : القياس تحريمه . ترك للضرورة ثم أبيح بعد زوالها وله نظائر . وظاهر كلامه في عيون المسائل : إباحته مطلقا. اهـ.

وجاء في كتاب الفتاوى الهندية: ولا بأس بأن يسعط الرجل بلبن المرأة ويشربه للدواء، وفي شرب لبن المرأة للبالغ من غير ضرورة اختلاف المتأخرين، كذا في القنية. انتهى.

وقال الخرشي المالكي: ومن الطاهر لبن آدمي حي ذكر أو أنثى، مسلم أو كافر، مستعمل للنجاسات أم لا، لاستحالته إلى صلاح ولجواز الرضاع بعد الحولين ; لأنه لو لم يكن طاهرا لمنع. اهـ

وقال الشربيني في مغني المحتاج : أما لبن ما يؤكل لحمه كلبن الفرس وإن ولدت بغلا فطاهر . قال تعالى : { لبنا خالصا سائغا للشاربين }. وكذا لبن الآدمي, إذ لا يليق بكرامته أن يكون منشؤه نجسا, وكلامهم شامل للبن الميتة, وبه صرح في المجموع نقلا عن الروياني قال: لأنه في إناء طاهر, ولبن الذكر والصغيرة, وهو المعتمد الموافق لتعبير الصيمري بقوله: ألبان الآدميين والآدميات لم يختلف المذهب في طهارتها وجواز بيعها. وقال الزركشي: إنه الصواب.اهـ.

وفي كتاب الفروق للقرافي قال: وفي بداية المجتهد لحفيد ابن رشد: ومن مسائلهم المشهورة في هذا الباب اختلافهم في جواز بيع لبن الآدمية إذا حلب، فمالك والشافعي يجوزانه وأبو حنيفة لا يجوزه، وسبب اختلافهم تعارض أقيسة الشبه، وذلك أن عمدة المجيز أنه لبن أبيح شربه فأبيح بيعه قياسا على لبن سائر الأنعام، وعمدة المانع أن الإنسان حيوان لا يؤكل لحمه فلا يجوز بيع لبنه قياسا على لبن الخنزير والأتان، وإنه إنما أبيح شربه لمكان ضرورة الطفل إليه. اهـ ملخصا.

وقال صاحب الجواهر إثر ما تقدم عنه: أو يصح بيع لبن الآدميات أي في مذهبنا، وقاله الشافعي وابن حنبل قياسا على لبن الغنم، وقال أبو حنيفة - رضي الله عنهم أجمعين - لا يجوز بيعه ولا أكله؛ لأنه جزء حيوان منفصل عنه في حياته فيحرم أكله فيمتنع بيعه، ويفرق بينه وبين لبن الغنم بشرف الآدمي أي فلا يتم القياس المتقدم ولا يرد إباحة لبنه؛ لأنه استثني منه من الرضاع للضرورة وبقي ما عداه على الأصل بخلاف الأنعام بدليل تحريم لحمه تشريفا له. اهـ.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة