السؤال
ياشيخ هل نواقض الإسلام التي قالها محمد بن عبد الوهاب صحيحة، أو تحتاج إعادة نظر، أو خطأ، أبسط لك المسألة هل كره الدين كفر. استدل الشيخ بحبوط العمل هل حبوط العمل يدل على الكفر؟
ياشيخ هل نواقض الإسلام التي قالها محمد بن عبد الوهاب صحيحة، أو تحتاج إعادة نظر، أو خطأ، أبسط لك المسألة هل كره الدين كفر. استدل الشيخ بحبوط العمل هل حبوط العمل يدل على الكفر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كتاب (نواقض الإسلام) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، من أمثل ما ألف في هذا الموضوع، وعليه عدة شروح وتعليقات تؤصله وتبين دلائله، منها للشيخ ابن باز، ومنها للشيخ سليمان العلوان، ومنها للشيخ عبد الله السعد، ومنها للشيخ عبد العزيز الراجحي فننصح بالرجوع لها .
وقد قدمنا في بعض الفتاوى السابقة أنه تقع ردة وحبوط عمل من يبغض حكم الله تعالى ويكره شريعتة حقيقة، وقد ذم الله تعالى الكارهين لأحكام الدين في عدة آيات وجعل ذلك من علامات الكفر، فقال: كبر على المشركين ما تدعوهم إليه {الشورى:13}، وقال تعالى: لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون {الزخرف:78}، وقال الله عز وجل: ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم {محمد:28}، قال تعالى: والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم. {محمد: 9،8}. وقال سبحانه: إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. {محمد:26،25}.
وقال الله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا {الأحزاب:36}، وقال تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون {القصص:68}، وقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {النساء:65}.
قال العلامة ابن القيم رحمة الله تعالى عليه: أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسما مؤكدا بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع، وأحكام الشرع، ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتقبله كل القبول، ولم يثبت لهم الإيمان بذلك حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضا والتسليم وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض. اهـ.
ثم إن حبوط العمل يحصل بالكفر المخرج من الملة لقول الله تعالى : ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين {المائدة:5}. وقوله تعالى : لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين {الزمر:65}. وقوله: ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون. وقد يكون بغير ذلك، فقد وردت بعض الأفعال والأقوال التي هي سبب في حبوط العمل مع كونها لا تخرج من الملة مثل ترك صلاة العصر، والمن بالعطية. قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس .{البقرة: 264}. وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله.
قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب: ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر، وليس الشأن في العمل، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه، فالرياء وإن دق محبط للعمل، وهو أبواب كثيرة لا تحصر، وكون العمل غير مقيد باتباع السنة أيضا موجب لكونه باطلا، والمن به على الله تعالى بقلبه مفسد له، وكذلك المن بالصدقة والمعروف والبر والاحسان والصلة مفسد لها كما قال سبحانه وتعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى. وأكثر الناس ما عندهم خبر من السيئات التي تحبط الحسنات، وقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. فحذر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض، وليس هذا بردة بل معصية تحبط العمل وصاحبها لا يشعر بها... انتهى.
والله أعلم.