يجوز قول فلان شهيد على طريق الإجمال

0 686

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دار بيني وبين صديق لي حوار أزعجني جدا. ادعى صديقي أن الشهداء في فلسطين ليسوا شهداء وأنه لا يجوز أن نطلق كلمة شهيد على أي إنسان بداية... ثم مصادفة قرأت فتوى في موقع سلفي لابن عثيمين -رحمة الله عليه- يؤكد هذا التوجه... أما حجة صديقي في الأولى أنه كيف أن الموتى -على حد تعبيره- في فلسطين شهداء مع الرائحة الكريهة التي فاحت منهم وتحلل أجسامهم... ومعروف أن جسد الشهيد لا تتحلل بل وتفوح منها رائحة المسك؟ الرجاء إجابتي على السؤال مع الدليل جزاكم الله كل خير ووفقكم إلى طريق الحق والصواب. وشكرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقال: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فجرح الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة

وقد ذكر الإمام البخاري هذا الحديث تحت باب: لا يقول فلا ن شهيد، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيدا ولعله قد يكون قد أوقر راحلته. ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد. وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين ... وعلى هذا فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد، بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال. انتهى

والحديث فيه دليل على جواز إطلاق لفظ الشهادة لا على سبيل القطع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الصحابة ذلك بل أقرهم حيث كانوا يقولون: فلان شهيد وفلان شهيد، كما في لفظ مسلم حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا إني رأيته في النار...فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم إطلاق لفظ الشهادة على الغال لملابسة خاصة به.
وعلى كل فالشهادة والإيمان من موجبان دخول الجنة، فإذا قيل فلان مؤمن أو فلان شهيد فلا مانع من ذلك، وهو حكم بالظاهر وليس على سبيل القطع، وانظر ما كتبناه في الفتوى: 16377  ليتضح لك منه أن ما قالوا صاحبك لا تنتهض به حجة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة