شبهات حول خلق المرأة من ضلع، وزواج آدم من حواء

0 813

السؤال

وردت مسألة خلق المرأة من ضلع أعوج في كثير من كتب الصحاح وبعض العلماء من أهل السنة والجماعةفما مدى صحة تلك الأحاديث وهل تتفق مع تكريم النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة وهل يعتبر آدم بموجب ذلك نكح نفسه إذا كانت حواء مخلوقة من ضلعه فيصبح كل وجودنا حراما بموجب هذه الرواية أفتونا مأجورينحفظكم الباري وسدد خطاكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيقول الله تعالى:يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء [النساء:1]. وفي هذه الآية وغيرها تنصيص على أن أصل البشرية من آدم، وأن حواء خلقت منه، وجاءت الأحاديث الصحيحة لتبين من أي مكان خلقت حواء من آدم، فجاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء. زاد ابن إسحاق (بتخريجه) اليسرى من قبل أن يدخل الجنة وجعل مكانه لحم.
وكون حواء خلقت من آدم من غير توليد كخلق الأولاد من الآباء لا يلزم منه أن تكون ابنته ولا أخته، كما نص على ذلك علماء التفسير، ولهذا سماها القرآن زوجة:وخلق منها زوجها [النساء:1]. وقد جعل الله خلق آدم من غير أب ولا أم، وخلق حواء من غير أم، وخلق عيسى من غير أب، وخلق بقية البشر بعد ذلك من ذكر وأنثى، آيات تدل على عظم الخالق سبحانه.
وأما قولك: إن خلق حواء من ضلع أعوج يتعارض مع الأحاديث التي تكرم المرأة! فالحقيقة أنه لا تنافي بين الأمرين، والدليل على ذلك أن الله تعالى كرم الإنسان وفضله على سائر المخلوقات قال تعالى:ولقد كرمنا بني آدم [الإسراء:70]. وقال تعالى:لقد خلقنا الأنسان في أحسن تقويم [التين:4]. ومع ذلك فهو مخلوق من ماء مهين وأخرج من مجرى البول مرتين وقد كان أصل خلقه من الطين. وبهذا يتبين للسائل الكريم أنه لا تعارض بين أصل الخلق والتكريم.
ثم إن استنتاج السائل من كون حواء خلقت من ضلع آدم فساد زواجه منها، وما ينبني على ذلك من كون وجود كل البشرية من نكاح فاسد، هو استنتاج غير صحيح ولا يستقيم، فلا يلزم من كونها خلقت من ضلعه أن يكون أبا لها أو أخا -كما تقدم- ثم على السائل أن يعلم أن شريعة آدم التي كان ينتهجها تبيح من أنواع النكاح ما لا تبيحه شريعتنا.
وعلى السائل أن يعلم أن آدم نبي من أنبياء الله تعالى، والأنبياء معصومون من الوقوع في الكبائر ومن الإصرار على الصغائر، وكون شرعنا يحرم نكاح المحارم لا يلزم منه أن يكون شرع آدم يحرمه لأن الله تعالى يقول:لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا [المائدة :48].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات