السؤال
هل يوجد ما يسمى بالنفس الحائرة قبل الموت؟ بمعنى أن الشخص يشعر بحيرة ولا يريد أن يموت؟ وهل هذا الكلام صحيح أم خاطئ؟ وهل يوجد دليل على ذلك؟ وجزاكم الله كل خير.
هل يوجد ما يسمى بالنفس الحائرة قبل الموت؟ بمعنى أن الشخص يشعر بحيرة ولا يريد أن يموت؟ وهل هذا الكلام صحيح أم خاطئ؟ وهل يوجد دليل على ذلك؟ وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم بوجود هذه النفس، ولكن الذي نعلمه أن المؤمن قد يكره الموت كراهة طبيعية ولا ينكر ذلك عليه، ففي الصحيحين وغيرهما عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، فقلت: يا نبي الله أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت، فقال: ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه.
وراجعي الفتوى رقم: 131313.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة: عن أبي عطية الوادعي قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا: إن ابن مسعود قال: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، والموت قبل لقاء الله، فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، حدثكم بحديث لم تسألوه عن آخره، وسأحدثكم عن ذلك: إن الله إذا أراد بعبده خيرا قيض له ملكا قبل موته بعام فسدده ويسره حتى يموت وهو خير ما كان، فإذا حضر فرأى ثوابه من الجنة فجعل يتهوع نفسه ود أنها خرجت، فعند ذلك أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإذا أراد بعبد سوءا قيض له شيطانا قبل موته بعام فصده وأضله وفتنه حتى يموت شر ما كان، ويقول الناس: مات فلان وهو شر ما كان، فإذا حضر فرأى ثوابه من النار جعل يتبلع نفسه ود أنه لا يخرج فعند ذلك كره لقاء الله وكره الله لقاءه.
وقد قسم أهل العلم كراهية الموت إلى نوعين: الأول الكراهية الجبلية التي أودعها الله بين جنبي كل امرئ من خلقه، وهذه ليست مذمومة، لأنها لا تدخل في باب التكليف، وهي التي وردت في قول عائشة ـ رضي الله عنها: فكلنا نكره الموت..... وأما النوع المذموم من كراهية الموت وهو الذي يدل على ضعف الإيمان فهو الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوهن في الحديث الذي أخرجه أبو داود وأحمد عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت.
وكراهية الموت من هذه الناحية تعني أن الإنسان يسرف في الملذات ويسعى لإشباع الشهوات، وكل ذلك بجهله لحقيقة الدنيا واغتراره بمظاهرها، فينفر من الموت نفورا زائدا، لأنه لا يرى بعده إلا الشقاء والبؤس.
هذا وننبه إلى أن تذكر الموت والاتعاظ به أمر مطلوب شرعا، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هاذم اللذات الموت. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
وقال السدي في قوله تعالى: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور {الملك: 2} أي: أكثركم للموت ذكرا، وله أحسن استعدادا، ومنه أشد خوفا وحذرا.
قال الإمام القرطبي في التذكرة: قال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة. انتهى.
والله أعلم.