السؤال
سؤالي جزيتم خيرا أريد أن أسألكم عن لفظ تلفظ به زوجي ببداية زواجنا وهو :
" ما زلنا على البر .. يمدي تغيرين رايك "
ولا أتذكر ما كان ردي عليه ، هل يعد من كنايات التفويض ؟ وإن كان تفويضا إذا لم يوضح الزوج نيته بهذا اللفظ .. كيف يسقط هذا التفويض؟ وهل هو قائم إلى الآن ؟ أم انتهى بانتهاء المجلس حيث استمرت علاقتي مع زوجي بشكل طبيعي؟ هل الوطء ومقدماته وكلمات أقولها لزوجي مثل أحبك وما إلى ذلك يسقط التفويض؟ أقرأ بموقعكم أن الوطء يسقط التفويض هل يشترط علم الزوجة بالتفويض والسماح للزوج بوطئها ؟ حيث بحالتي لم أعلم أنه تفويض وكنت أمكن زوجي من وطئي ،، لا أريد أن أتصرف بهذا التفويض فقد انتابتني وساوس بشأنه وأخاف أن أكون قد تلفظت بألفاظ بموجب هذا التفويض فكثيرا ما أقول له وقت الغضب ألفاظا من نوع الكنايات . وهل يجب سؤال زوجي عن نيته أثناء التلفظ ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا اللفظ، نعني قول الزوج: يمدي تغيرين رأيك. وهو -فيما نعلم- بمعنى يمكنك تغيير رأيك ليس فيه تفويض للطلاق أصلا فلا يترتب عليه شيء. فعليك إذن بالإعراض عن أي خواطر تنتاب قلبك بسببه، وباشري حياتك مع زوجك كأن شيئا لم يكن. فالوقوف عنده والتفكير فيه مدعاة لاستحكام الوساوس في قلبك وفي هذا من المفاسد ما لا يخفى. وإلى هنا ينتهي ما يليك من هذا الجواب. وما سنذكره بعد إنما هو للفائدة بناء على ما أوردته من أسئلة. فنقول:
أولا: ألفاظ التفويض منها الصريح ومنها الكناية، وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 147793 ، واللفظ المذكور ليس منها كما أسلفنا.
ثانيا: على فرض كون هذا اللفظ من كنايات التفويض فليس على الزوجة سؤال زوجها إن كان قد قصد به تفويضها أم لا.
ثالثا: وعلى تقدير كون الزوج قد قصد به تفويضها فلا يقع الطلاق إلا إذا تلفظت بما يفيده صريحا كطلقت نفسي، أو كناية مع النية كاخترت نفسي مثلا. ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه ليس للمفوض لها طلاقها أن توقعه بلفظ غير صريح. جاء في المغني لابن قدامة قوله: ولها أن توقع الطلاق بلفظ الصريح، وبالكناية مع النية. وقال بعض أصحاب الشافعي: ليس لها أن توقعه بالكناية، لأنه فوضه إليها بلفظ الصريح، فلا يصح أن توقع غير ما فوض إليها، ولنا، أنه فوض إليها الطلاق، وقد أوقعته، فوقع، كما لو أوقعته بلفظ الصريح، وما ذكره غير صحيح، فإن التوكيل في شيء لا يقتضي أن يكون إيقاعه بلفظ الأمر من جهته. اهـ.
رابعا: إذا وطئت بطل تفويضها. جاء في المدونة: قال مالك: من قال لامرأته أمرك بيدك متى ما شئت أو إلى شهر، فأمرها بيدها إلى ذلك الأجل إلا أن توقف قبل ذلك فتقضي أو ترد أو يطأها قبل ذلك فيبطل الذي كان في يدها من ذلك بالوطء إذا أمكنته, ولا يكون لها أن تقضي بعد ذلك. اهـ.
وقال في المغني: وإن وطئها الزوج كان رجوعا; لأنه نوع توكيل, والتصرف فيما وكل فيه يبطل الوكالة. وإن ردت المرأة ما جعل إليها بطل, كما تبطل الوكالة بفسخ الوكيل. اهـ.
وما ذكر في المغني يؤخذ منه أنه لا اعتبار لعلم الزوجة بالتفويض من عدمه؛ لأن التفويض إذا اعتبر مجرد وكالة فإن من حق الموكل أن يرجع في الوكالة ولو قبل علم الوكيل بها.
خامسا: ذهب كثير من أهل العلم إلى أن التفويض يتقيد بالمجلس فينتهي بانتهائه؛ كما هو مبين بالفتوى رقم: 131931.
ونؤكد في الختام على ما ذكرناه سابقا من أن العصمة بينكما لا تزال باقية، فلتكن بينكما المعاشرة بالمعروف كأن شيئا لم يكن. ولمعرفة كيفية علاج الوساوس راجعي الفتوى رقم: 10355.
والله أعلم.