بطلان الزعم بأن نكاح المتعة مذكور في القرآن

0 401

السؤال

سؤالي هو عندما يتم محاججة بعض الناس بأن المتعة حرام يقولون بأنه مذكور في القرآن الكريم والأحاديث ضعيفة على تحريمه ويحاججون السنة بأن الزواج بنية الطلاق أيضا حلال وتستطيع أن تتزوج امرأة لمدة يوم وتطلقها وبهذا يكون المتعة أكثر حجية من الزواج الثاني أفيدونا في رد هذه الشبهة يرحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالقول بأن نكاح المتعة مذكور في القرآن في قوله تعالى : "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن...." قول غير مسلم ، فإن الصواب –والله أعلم- أن الآية تتناول الزواج الشرعي الصحيح ، ثم على فرض تناول الآية لجواز نكاح المتعة فقد نسخ ذلك كما ثبت في الأحاديث الصحيحة التي لا مطعن في صحتها ، قال الشيخ الأمين الشنقيطي (رحمه الله) : " فالآية في عقد النكاح، لا في نكاح المتعة كما قال به من لا يعلم معناها، فإن قيل: التعبير بلفظ الأجور يدل على أن المقصود الأجرة في نكاح المتعة ; لأن الصداق لا يسمى أجرا، فالجواب أن القرآن جاء في تسمية الصداق أجرا في موضع لا نزاع فيه ; لأن الصداق لما كان في مقابلة الاستمتاع بالزوجة كما صرح به تعالى في قوله: وكيف تأخذونه الآية، صار له شبه قوي بأثمان المنافع فسمي أجرا، وذلك الموضع هو قوله تعالى: فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن الآية [4 25] ، أي: مهورهن بلا نزاع، ومثله قوله تعالى: والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن الآية [5 5] . أي: مهورهن فاتضح أن الآية في النكاح لا في نكاح المتعة، فإن قيل: كان ابن عباس وأبي بن كعب، وسعيد بن جبير، والسدي يقرءون: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، وهذا يدل على أن الآية في نكاح المتعة، فالجواب من ثلاثة أوجه: الأول: أن قولهم إلى أجل مسمى لم يثبت قرآنا ; لإجماع الصحابة على عدم كتبه في المصاحف العثمانية، وأكثر الأصوليين على أن ما قرأه الصحابي على أنه قرآن، ولم يثبت كونه قرآنا لا يستدل به على شيء ; لأنه باطل من أصله ; لأنه لما لم ينقله إلا على أنه قرآن فبطل كونه قرآنا ظهر بطلانه من أصله. الثاني: أنا لو مشينا على أنه يحتج به كالاحتجاج بخبر الآحاد كما قال به قوم، أو على أنه تفسير منهم للآية بذلك، فهو معارض بأقوى منه ; لأن جمهور العلماء على خلافه ; ولأن الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعة بكثرة بتحريم نكاح المتعة، وصرح - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك التحريم دائم إلى يوم القيامة، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني - رضي الله عنه - أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة. فقال: يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع في النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا . وفي رواية لمسلم في حجة الوداع: ولا تعارض في ذلك ; لإمكان أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك يوم فتح مكة، وفي حجة الوداع أيضا والجمع واجب إذا أمكن، كما تقرر في علم الأصول وعلوم الحديث. الثالث: أنا لو سلمنا تسليما جدليا أن الآية تدل على إباحة نكاح المتعة فإن إباحتها منسوخة كما صح نسخ ذلك في الأحاديث المتفق عليها عنه - صلى الله عليه وسلم - وقد نسخ ذلك مرتين الأولى يوم خيبر كما ثبت في الصحيح، والآخرة يوم فتح مكة، كما ثبت في الصحيح أيضا. " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 236)
 

وأما الزواج بنية الطلاق ففي جوازه خلاف بين أهل العلم، والمعتمد عند الحنابلة تحريمه والجمهور على جوازه ، والفرق بينه وبين نكاح المتعة ظاهر ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) : " ...فإذا قصد أن يطلقها بعد مدة فقد قصد أمرا جائزا؛ بخلاف نكاح المتعة فإنه مثل الإجارة تنقضي فيه بانقضاء المدة؛ ولا ملك له عليها بعد انقضاء الأجل. وأما هذا فملكه ثابت مطلق، وقد تتغير نيته فيمسكها دائما.... " مجموع الفتاوى (32/ 147)
وانظر الفتوى رقم : 50707

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة