أحوال ميراث المطلقة التي طلقها زوجها في مرضه قبل موته

0 255

السؤال

هل لزوجة أبي حق في ميراث أبي -رحمه الله- وفق التفصيل التالي:
انفصل والدي -رحمه الله- عن والدتي بعد زواج دام أكثر من 20 سنة، ثم تزوج أخرى وطلقها بعد 4 سنين، حيث إنهما لم يكونا في عيشة هادئة، بل على خلاف دائم أيضا، وكانا كثيرا ما يفتحان مسألة الطلاق؛ حتى مرض أبي -رحمه الله- وذهب إلى المستشفى، وكانت زوجته في هذه الفترة عند أهلها نتيجة خلافات بينهم كالمعتاد، ولا أتذكر أذهبت بعد المرض أم قبله، وبقي فترة في المستشفى، وعاودوا الحديث في مسألة الطلاق، وتم الطلاق بالفعل طلقة بائنة بينونة صغرى، وأخذت من والدي -رحمه الله- مبلغا من المال، وأبرأته في عقد الطلاق من جميع حقوقها، وكان ذلك الطلاق قبل وفاته بشهر تقريبا، فلم ترث معنا شيئا.
ثم بعد مرور أكثر من سنتين قرأت أن هناك خلافا في مسألة الطلاق في المرض على أقوال عدة، وشعرت -على حد فهمي- أنه ليس هناك دليل صريح على ذلك، وإنما هو اجتهاد فقهي؛ لسد ذريعة تعمد منع أحد الورثة من الميراث؛ فكان الحكم بعكس مراده، وهو أن يرث، وقرأت أن هذا الوضع لو كان مع الزوج، وكتبت له زوجته مبلغا من المال مقابل الطلاق ثم ماتت، فلا يرث، لكنه يأخذ المبلغ الأقل، وعلل -حسب ما قرأت- بأنه هو الذي تسبب في إضاعة الميراث منه، وطمع في المبلغ المالي، فلم لا تكون المسألة بالمثل مع الزوجة؟
وهنا يجدر الإشارة إلى أنه مع خلافهم الدائم، وعزمهم على الطلاق كثيرا، إلا أني لا أستطيع نفي شبهة إرادة منع زوجة أبي من الميراث، خاصة مع شعور أبي بالتقصير تجاه أولاده ووالدتهم سابقا.
وقد أرسلت الفتوى لإحدى الجهات المعتمدة في الفتوى، وكان ردهم أنها لا ترث، لكن عندما مرت بي هذه المسألة مرة ثانية في أحد الكتب بعد فترة، أردت أن يطمئن قلبي لهذه المسألة، ولا أدري أكان علي عدم السؤال مرة أخرى بعد أول فتوى أم لا بأس بتكرار السؤال لأكثر من جهة؟ فما تفصيل القول في ذلك؟ جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد :

فلا شك أن أهل العلم اختلفوا في ميراث الزوجة التي طلقها زوجها في مرضه المخوف:

فذهب الشافعية إلى أنها لا ترث، وذهب الجمهور إلى أنها ترث, جاء في الموسوعة الفقهية: وإن كان مريضا مرض موت عند الطلاق، فكذلك (أي: لا ترث) عند الشافعية في الجديد, وذهب الحنفية، والحنابلة في الأصح، وهو المذهب القديم للشافعية، إلى أنها ترث منه؛ معاملة له بنقيض قصده، وتعتد بأبعد الأجلين، ويعد فارا بهذا الطلاق من إرثها، واسمه: طلاق الفرار, واشترطوا له أن يكون بغير طلبها، ولا رضاها بالبينونة، وأن تكون أهلا للميراث من وقت الطلاق إلى وقت الوفاة، فإن كان الطلاق برضاها، كالمخالعة لم ترث ... اهــ.

وقد سبق أن أصدرنا فتوى في أنواع المطلقات، ومن ترث منهن ومن لا ترث، وأقوال أهل العلم في ذلك، وهي برقم: 143921.

وليت الأخ السائل ذكر لنا تفصيلا عن طلاق زوجة أبيه، هل كان بخلع أم بطلب منها أم بغير ذلك؟

والذي يمكننا قوله الآن: إنها إذا كانت مختلعة، أو كان الطلاق بطلب منها، فإنها لا ترث في قول جمهور أهل العلم؛ لتحقق رضاها بإبطال حقها في الميراث، وهو ما نفتي به.

وإن كان الزوج طلقها في مرضه المخوف؛ بقصد حرمانها من الإرث، فإنها ترثه؛ معاملة له بنقيض قصده.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة