السؤال
توفي زوج أختي ولها أربع بنات في سن المراهقة، وبعد وفاة زوجها استأجرت شقة بجانبهم لكي أقوم على مصالحهم وأقضي حاجاتهم والمشكلة أن بناتها لا يلتزمن بالحجاب الشرعي متعللات بعدم اقتناعهن بالجلباب أو العبايا وأن التي عمرها 12 سنة ما زالت طفلة من وجهة نظر أختي رغم أنها بالغة حسب ما أرى، وكلمتهن وقلن أنت لا دخل لك بنا عندنا أم مسؤولة عنا، وأعمارهن تتراوح بين 16، و10سنوات، وأختي نفسها غير ملتزمة بالحجاب الشرعي، والآن أنا الذي أوصلهن ولكنهن لا يسمعن كلامي بلبس الحجاب الشرعي ذهبت لعمهن وقلت له يجب أن تساعدني في تربية البنات لكنه ليس مباليا، وأنا لا أرضى لنفسي أن تركب معي فتاة غير منتقبة أو لابسة جلبابا على الأقل خصوصا وأنا رجل ملتزم والحمد لله وزوجتي منتقبة، فماذا أفعل؟ وهل أتركهن وشأنهن وأسمح لأختي بقيادة السيارة وتقوم بتوصيلهن، لأنها كانت تقود السيارة من قبل وقد منعتها بعد أن ضبطتها في علاقة مع أكثر من رجل بالهاتف، فهل أأثم بركوبهن معي بهذه الهيئة أو أستخدم القوة معهن أو أتركهن وشأنهن؟ لكن أخاف أن أقع في محظور أكبر بتفريطي في الأمانة، أرجو منكم الرد بالتفصيل وإذا كان هناك شيء مماثل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فأفيدوني به، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الشرع لم يعين لحجاب المرأة نوعا محددا من اللباس، ولكن ذكر العلماء شروطا في لباس المرأة أمام الأجانب إذا تحققت هذه الشروط في اللباس فهو الحجاب المشروع وإذا لم تتحقق فهو غير جائز، وانظر هذه الشروط في الفتوى رقم: 6745.
وفي جواز كشف المرأة وجهها خلاف بين أهل العلم سبق بيانه في الفتوى رقم: 80256.
فإن كانت أختك وبناتها يلبسن ما يسترهن ولكن يكشفن وجوههن تقليدا لمن يقول بالجواز فلا بأس بذلك ولا حرج عليك في مصاحبتهن على هذه الحال، وأما إن كن يلبسن ملابس غير ساترة فالواجب عليك أن تنصحهن وتبين لهن وجوب الستر وعلى ولي البنات ـ وهو عمهن ـ أن يلزمهن بالحجاب حسب استطاعته، ولا يجوز له أن يأذن لهن في الخروج متبرجات، وعليك أن تحافظ على أختك وتجنبها مواطن الفتن وليس لك أن تستعمل معها القوة، لكن لا يجوز لك تركها وشأنها ولا سيما وقد ظهر لك منها ما يريب من مكالمات بالهاتف، قال ابن نجيم: فإذا بلغت الجارية مبلغ النساء فإن كانت بكرا كان للأب أن يضمها إلى نفسه وإن كانت ثيبا فليس له ذلك إلا إذا لم تكن مأمونة على نفسها.
وقال ابن عابدين: ..والظاهر أن الجد كذلك، بل غيره من العصبات كالأخ والعم، ولم أر من صرح بذلك ولعلهم اعتمدوا على أن الحاكم لا يمكنه من المعاصي وهذا في زماننا غير واقع فيتعين الإفتاء بولاية ضمه لكل من يؤتمن عليه من أقاربه ويقدر على حفظه، فإن دفع المنكر واجب على كل من قدر عليه لا سيما من يلحقه عاره وذلك أيضا من أعظم صلة الرحم، والشرع أمر بصلتها وبدفع المنكر ما أمكن.
وانظر الفتوى رقم: 76078.
وننصحك بأن تبحث لأختك عن زوج صالح فإنه لا حرج في عرض المرأة على الرجل الصالح، كما بيناه في الفتوى رقم: 7682
وأما ترك البنات إذا كنت تخشى عليهن فلا ينبغي، فركوبهن معك وهن على حالة غير مرضية أهون من تركهن بالمرة مما قد يعرضهن لمفسدة أكبر، وما دامت المسألة دائرة بين مفسدتين إحداهما تحرجك بركوبهن معك والثانية خشية ضياعهن فلا إثم عليك في دفع المفسدة الأكبر بارتكاب مفسدة أصغر، كما أن مساعدتك لهن وإسداؤك للمعروف إليهن كل ذلك مما يعينك على نصحهن وتقبلهن لكلامك، فلا يصدك تقصيرهن في فعل الخير ولا تقنط من وعظهن بالحكمة والموعظة الحسنة.
والله أعلم.