السؤال
هل الجن يدخلون الجنة أو النار؟ وهل لهم صلاة مثلنا مع ذكر كيفية صلاتهم؟ وذكر سبب دخولهم في جسم الإنسان؟
هل الجن يدخلون الجنة أو النار؟ وهل لهم صلاة مثلنا مع ذكر كيفية صلاتهم؟ وذكر سبب دخولهم في جسم الإنسان؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد خلق الله تعالى الجن لنفس الغاية التي خلق الإنس من أجلها، فقال تعالى: (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) [الذريات:56].
فالجن على ذلك مكلفون بأوامر ونواه، فمن أطاع رضي الله عنه وأدخله الجنة، ومن عصى وتمرد له النار، قال تعالى: (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) [هود:119].
وقال تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والأنس) [الأعراف:179].
قال ابن مفلح في الفروع: الجن مكلفون في الجملة يدخل كافرهم النار، ويدخل مؤمنهم الجنة، لا أنه يصير ترابا كالبهائم، وثوابه النجاة من النار. ا.هـ
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر: لا خلاف في أن كفار الجن في النار، واختلف هل يدخل مؤمنهم الجنة ويثابون على الطاعة؟ على أقوال أحسنها نعم، وينسب للجمهور.
ومن أدلته قوله تعالى: ( ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان) [الرحمن:46-47].
والخطاب للجن والإنس، فامتن عليهم بجزاء الجنة ووصفها لهم وشوقهم إليها، فدل على أنهم ينالون ما امتن به عليهم إذا آمنوا، وقيل: لا يدخلونها وثوابهم النجاة من النار، وقيل: يكونون في الأعراف. ا.هـ
والحاصل مما سبق أن الجن مكلفون، وأن عصاتهم يدخلون النار باتفاق، وأن الطائعين منهم يدخلون الجنة على الراجح.
قال ابن تيمية: وذهب طائفة منهم: أبو حنيفة - فيما نقل عنه - إلى أن المطيعين منهم يصيرون ترابا كالبهائم، ويكون ثوابهم النجاة من النار. ا.هـ
أما عن صفة صلاتهم، فلم يرد في الشرع ما يدل عليها، لأن تكليف الجن بطاعة الأوامر واجتناب النواهي كالإنس لا يقتضي أن يكونوا مثلهم في كل فروع التكاليف.
قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: لا ريب أنهم مأمورون بأعمال زائدة على التصديق، ومنهيون عن أعمال غير التكذيب، فهم مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم، فإنهم ليسوا مماثلي الإنس في الحدود الحقيقية، فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساويا لما على الإنس في الحد، لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف بالأمر والنهي، والتحليل والتحريم، وهذا ما لم أعلم فيه نزاعا بين المسلمين. ا.هـ
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 3621، 6794، 13655.
وتلبس الجني بالإنسي ثابت بالكتاب والسنة، ويؤيده الواقع، ولمعرفة أدلة ذلك راجع الفتوى رقم: 15307، والفتوى رقم: 3352.
أما عن أسباب لبسهم للإنس، فهي كثيرة جدا وجماعها الغفلة عن ذكر الله تعالى، قال ابن تيمية - رحمه الله: وصرعهم للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق، كما يتفق للإنس مع الإنس. انتهى
وقال أيضا: وقد يكون -وهو كثير أو الأكثر- عن بغض ومجازاة مثل أن يؤذيهم بعض الإنس، أو يظنوا أنهم يتعمدون أذاهم، إما ببول على بعضهم، وإما بصب ماء حار، وإما بقتل بعضهم، وإن كان الإنسي لا يعرف ذلك - وفي الجن جهل وظلم - فيعاقبونه بأكثر مما يستحقه، وقد يكون عن عبث منهم وشر بمثل سفهاء الإنس. انتهى.
ومعلوم أن المسلم لو التزم الأذكار المشروعة في كل أموره، فإنه لا يصاب بمثل هذه الأمور إلا أن يشاء الله. والله أعلم.