السؤال
السلام عليكم...هناك ما يسمى بالتدعيم الفلاحي بالجزائر مجانا للفلاحين فهل من الممكن للمقاول دفع مبلغ مالي للفلاح قصد إنجاز المشروع؟ علما بأن المشروع لا يمكن إنجازه إلا من طرف مقاول.
السلام عليكم...هناك ما يسمى بالتدعيم الفلاحي بالجزائر مجانا للفلاحين فهل من الممكن للمقاول دفع مبلغ مالي للفلاح قصد إنجاز المشروع؟ علما بأن المشروع لا يمكن إنجازه إلا من طرف مقاول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يتضح لنا بالتحديد الصورة التي سأل عنها الأخ السائل.. ولكن إن كان قصده أن هذا المقاول سيعطي مالك الأرض وهو الفلاح مبلغا من المال تبرعا أو قرضا حسنا بدون فائدة لإقامة هذا المشروع الزراعي فلا حرج في ذلك بل هو أمر حسن.
وإن كان قصده أنه سيعطيه المبلغ بشرط أن يرد له أكثر منه فهذا ربا لا شك فيه وتحريمه معلوم.
وإن كان قصده أنه سيعطيه المبلغ وهو سيشتري مؤن الزراعة كالبذر وآلة الحرث ونحو ذلك والناتج سيكون بينهما بالسوية أو حسب الاتفاق، فهذه مزارعة فاسدة عند جمهور أهل العلم لأن فيها كراء الأرض ببعض ما يخرج منها. وقد نص على فساد هذه الصورة جماعة من أهل العلم، ففي شرح الطحاوي : ولو دفع البذر لمزارعه يزرعه في أرضه على أن الخارج بينهما لا يجوز.
وفي منح الجليل على شرح مختصر خليل: إذا أخرج أحدهما البذر والآخر العمل والأرض، فإن كانت الأرض لها خطب "قيمة" لم يجز، وإن لم يكن لها خطب فقولان: الجواز لسحنون وهو مبني على جواز التطوع بالتافه في العقد، والمنع لابن عبدوس. ورأي أنه يدخله كراء الأرض بما يخرج منها، ابن يونس وهو الصواب. انتهى.
وذكر ابن يونس أن في بعض أبواب المدونة ما نصه: إذا أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر فلا يجوز إلا أن تكون أرضا لا كراء لها، وقد تساويا فيما سواها فأخرج هذا البذر وهذا العمل وقيمتهما سواء فهو جائز لأن الأرض لا كراء لها، وأنكر ابن عبدوس هذا وقال: إنما أجاز مالك رضي الله عنه أن تلغى الأرض إذا تساويا في إخراج البذر والعمل، فأما إن كان مخرج البذر غير مخرج الأرض لم يجز وإن كانت لا كراء لها إذ يدخله كراؤها بما يخرج منها. ألا ترى أن لو أكريت هذه ببعض ما يخرج منها لم يجز. وهذا هو الصواب. انتهى.
وعلى كل حال فهذه مزارعة فاسدة والمخرج من محظورها الشرعي هو أن يأخذ المقاول الأرض إجارة بمبلغ من المال لمدة معينة ويستعين بصاحبها لحرثها والعمل فيها بأجرة معينة، أو يقوم صاحب الأرض بالعمل وإخراج البذر.
والله أعلم.