السؤال
في الماضي كنت مهملة في صلاتي مع أنني لم أترك الصلاة ـ ولله الحمد ـ إلا أنني كنت أصلي صلاة سريعة جدا لدرجة أنني أنهيها في ثوان حتى إنه لم يكن لدي وقت لأقوم بجميع أركان الصلاة، فهل علي قضاء تلك الصلوات الآن؟ وكيف أقوم بذلك؟ وبما أنها فترة طويلة تقارب 6 سنوات، فهل يمكنني قضاء كل يوم عن يوم واحد، مع أن هذا قد يأخذ مني 6 سنوات أخرى؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطمأنينة في أركان الصلاة الفعلية واجبة في قول الجمهور، والقدر المجزئ منها تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 51722.
وإذا كانت السائلة لم تكن تأتي بالقدر الواجب منها، فصلاتها باطلة فعليها أن تتوب إلى الله تعالى من الاستخفاف بالصلاة، وعليها قضاء سائر الصلوات التي كانت تؤديها على تلك الحالة ولو كانت كثيرة إن علمت قدرها، وإلا فلتحتط في ذلك حتى تبرأ ذمتها، لكن القضاء يكون حسب الطاقة بما لا يضر ببدنها أو معاشها، فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وكيفية ذلك أن تصلي كل يوم زيادة على الصلوات الخمس الحاضرة ما تستطيع في أي ساعة من ليل، أو نهار من غير تحديد حتى تقضي ما تبرأ به ذمتها ـ قال ابن قدامة في المغني: إذا كثرت الفوائت عليه يتشاغل بالقضاء ما لم يلحقه مشقة في بدنه، أو ماله، أما بدنه فأن يضعف، أو يخاف المرض، وأما في المال فأن ينقطع عن التصرف في ماله بحيث ينقطع عن معاشه، أو يستضر بذلك، وقد نص أحمد على معنى هذا فإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته. انتهى.
وانظري للفائدة الفتوى رقم: 65077.
ومن الفقهاء من يرى أنه إذا كانت الفوائت كثيرة يجب قضاء صلاة يومين على الأقل في اليوم الواحد إلا إذا كان ذلك يؤخره عن كد لعياله، فيجوز الاقتصار على صلاة يوم، ففي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير على مختصر خليل في المالكي: فالواجب حالة وسطى، فيكفي أن يقضي في اليوم الواحد صلاة يومين فأكثر، ولا يكفي قضاء يوم في يوم إلا إذا خشى ضياع عياله إن قضى أكثر من يوم. انتهى.
وإن كان الجهل هو الحامل على ترك الطمأنينة في الصلاة فإن من أهل العلم من يرى أن من ترك شرطا من شروط الصلاة أو ركنا منها جهلا بوجوبه لم يلزمه القضاء، وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فإنه قال: والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة، لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان، ولأنه قال: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ـ فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمارا لما أجنبا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياما لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ بالقضاء. انتهى مختصرا من الفتاوى الكبرى.
والقول بالقضاء أحوط وأبرأ للذمة.
والله أعلم.