السؤال
رأيت أحد أصدقائي الملتزمين الملتحين وأنا أحسبه على خير جدا بالأمس جالسا مع إحدى النساء في مكان عام مفتوح وتحدثا طويلا فظللت أنتظره حتى فرغا وقامت فذهبت إليه وسألته من هذه؟ فأخبرني أنها امرأة كان هو سبب هدايتها لارتداء الحجاب الشرعي بعدما كانت متبرجة وهي مطلقة وتستشيره في المشاكل الكثيرة التى بينها وبين طليقها من الأطفال وغير ذلك وأنه كان يسدي لها النصيحة وكان لا يغض بصره فقلت له إن هذا خطأ وباب فتنة، لأن النصيحة لا تكون في مجالسة طويلة هكذا، وإنما تكون في وقفة سريعة وكلام على قدر الحاجة بدون زيادة مع مراعاة غض البصر وأن هذا الفعل يثير الشبهات حولك لاسيما وسمت السنة عليك ظاهر فيجعل الناس يتكلمون ويقولون انظروا ماذا يفعل الشيخ، لأنهم لا يطلعون على نيتك السليمة؟ فرد قائلا لا يهمني كلام الناس مادامت نيتي سليمة ومادمت لا أشعر بفتنة، فقلت له إذا ضمنت أنك لا تفتن فلن تضمن أنها لا تفتن بك، فما هو الصواب في هذه المسألة مع رجاء ذكر الدليل؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصبت في نصيحتك لأخيك ودلالته على طريق السلامة، فإن فتنة النساء خطرها عظيم، ولذلك خاطب الله خيرة رجال ونساء هذه الأمة، بقوله: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن {الأحزاب:53}.
وقد كان على هذا الرجل إن أراد نصيحة هذه المرأة أن تكون النصيحة عن طريق بعض محارمه أو محارمها لا أن يجالسها على الوجه المذكور، فالكلام مع الأجنبية بغير حاجة باب فتنة، قال الخادمي ـ رحمه الله ـ في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة، لأنه مظنة الفتنة.
كما أنه بذلك يضع نفسه موضع ريبة والمسلم ينبغي أن يبتعد عن مواطن الشبهات، يدل على ذلك الحديث المتفق عليه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءا، أو قال: شيئا.
قال النووي في شرح مسلم: فيه استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس في الإنسان وطلب السلامة.
والله أعلم.