السؤال
شخص يسألني ويحكي لي هذه القصة وقد أعطيته رابط الموقع ولكنه طلب مني أن أسألكم، يقول: كنت عسكريا وكنت أنا وصديقي في حماية الضابط وكنا بمحافظة، وتأخرت إجازتي لسبب ما حوالي 32 يوما، وكانت علاقتنا مع الضابط كالأصدقاء، وكنا نتحدث معه كصديق وليس كضابط، لأننا نحميه وفي يوم 30 كان الضابط عنده اجتماع في المحافظة، ومن الطبيعي أن أكون معه أنا وصديقي، وكنا نسمع أن الشارع الفلاني فيه زانيات، وبالصدفة دخلنا هذا الشارع وشاهدنا بنتا واقفة أمام دارها وهي جميلة جدا ونحن شباب، فقلنا للضابط سيدي نريد أن.....؟ فقال الضابط: انزلا وعندما تقضيان حاجتكم تعالوا إلى المقر الذي نجتمع فيه، فرخص لنا فنزلنا من السيارة وذهبنا ـ أنا وصاحبي ـ إلى البنت وتكلمنا معها وقلنا كم أجرك مقابل...؟ فقالت ألفي دينار، وكانت عندي ألف وعند صاحبي ثلاثة آلاف، فلم ترضى بصاحبي لأنه أكبر مني سنا ووافقت أن أدخل معها، فدخلت معها وقضيت حاجتي وطلعت، والسؤال هنا: من كان السبب في هذا العمل الفاحش؟ أنا أم صاحبي أم الضابط؟ فأجبته على قدر علمي وقلت له إنه وصديقه وقائده مذنبون ولكن ذنوبهم تختلف، فهو زان، أما هما فكان يجب عليهما منعه، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بتغيير المنكر، ونصحته بأن يسألكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى على مسلم أن الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائرالتي تجلب غضب الله، وهو جريمة خطيرة لها آثارها السيئة على الفرد والمجتمع، قال تعالى: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الإسراء: 32}.
وعليه، فقد أخطأ هؤلاء الثلاثة خطأ عظيما واقترفوا إثما مبينا، وإن كان إثم كل منهم يتفاوت حسب الفعل الواقع منه، فقد أقر الضابط الشابين على المعصية، بل أعانهما عليها، وتلك معصية كبيرة ومنكر ظاهر، وأشد من ذلك إثم الشابين الذين عزما على فعل الفاحشة وبذلا الأسباب للوصول إليها، ولا ريب أن من وقع في الزنا قد عرض نفسه لعقوبة هذه الفاحشة، أما من عزم على الفاحشة وسعى إليها فحيل بينه وبينها، فيرى بعض أهل العلم أنه في الإثم سواء مع الواقع في الفاحشة، ويرى بعضهم أن إثمه دون إثم الفاعل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كما قدمنا من أن الارادة الجازمة التي أتى معها بالممكن يجري صاحبها مجرى الفاعل التام والارادة التامة قد ذكرنا أنه لا بد أن يأتي معها بالمقدور أو بعضه. اهـ
وقال ابن حجر العسقلاني رحمه الله:... قالوا إن العزم على السيئة يكتب سيئة مجردة لا السيئة التي هم أن يعملها كمن يأمر بتحصيل معصية ثم لا يفعلها بعد حصولها فإنه يأثم بالأمر المذكور لا بالمعصية، ومما يدل على ذلك حديث: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال إنه كان حريصا على قتل صاحبه................ والذي يظهر أنه من هذا الجنس وهو أنه يعاقب على عزمه بمقدار ما يستحقه ولا يعاقب عقاب من باشر القتل حسا. اهـ
وعلى كل حال، فإن الذنب مهما عظم فإن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنه يقبل التوبة، بل إن الله يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات، فالواجب على هؤلاء الثلاثة المبادرة بالتوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس وعدم المجاهرة بالذنب ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية ويقطع الطرق الموصلة إليها ويحسم مادة الشر، وقد قدمنا بعض الأسباب المساعدة على البعد عن الفاحشة في الفتوى رقم: 72497، فراجعها
والله أعلم.