هل يشرع إقامة جماعة ثانية في مسجد بممر الناس

0 278

السؤال

إن وقت صلاة الظهر يدخل علينا ونحن في المدرسة، وليس في المدرسة مسجد، ويكون وقت الصلاة عادة كل الأيام الدراسية حوالي 30 يوما قد دخل أثناء الفسحة أو قبلها بحيث تسعنا الصلاة في الفسحة ولو بسرعة في بعض الأيام، وهناك مسجد قريب من المدرسة يمكن الذهاب إليه مشيا، فلذلك كنا نعتاد أن نذهب يوميا في جميع أيام الدراسة إلى المسجد بعد انتهاء اليوم الدراسي، ووقت دخول العصر لا زال يبقى عليه في أسوأ الأحوال أكثر من ساعة ونصف ـ أي وقت طويل ـ فنصلي جماعة ثانية، علما بأن المساكن حول هذا المسجد قليلة إن لم أقل قريبة من أن توصف بالندرة ولا أقول ذلك على كل، لأنه في طريق وليس في شارع فرعي، والمسجد يعج بالجماعات الثانية والثالثة، ولعل غالب مرتادي المسجد من العمال والموظفين وليس سكان المنطقة ـ لأنهم قليلون ـ بحسب ما أعلم والله أعلم، ثم إن القول الذي أعمل به أن الجماعة الثانية مستحبة إذا كان أمرا عارضا، ولكن كثر كلام أهل العلم عن هؤلاء الذين يتأخرون عن الصلاة عمدا لغير عذر ليصلوا وحدهم وراء إمامهم الخاص تأكيدا لبدعتهم أو ما شابه ذلك، وهذا لا شك في أنه لا يدخل ضمن الاستحباب، بل قد ينقلب إلى التحريم ـ والله أعلم ـ ثم إنه كما تعلمون لا يمكن لأحدنا الخروج من المدرسة للمسجد للصلاة سواء في وقت الحصص أو وقت الفسحة وحدث أن كان في يوم من الأيام إمكانية الذهاب مبكرا ـ وهذا نادر ـ فخرجت وصليت مع الجماعة الأولى، ونحن إذن مخيرون بين:
1ـ الصلاة منفردين في المسجد، وهذا لا شك أنه يدخلنا في شبهة.
2ـ الصلاة جماعة ثانية في المسجد.
3ـ الصلاة جماعات في المنازل، وغالبا هذا عسير.
4ـ الصلاة في الفسحة داخل المدرسة وأخاف أن يتم رفض هذا الرأي من الإخوة أو من المدرسين، فأيهم أولى من منطلق صحة الصلاة جماعة في غير المسجد؟ وهل إذا استطعنا أخذ إذن الإمام جازت لنا الجماعة الثانية اتفاقا؟ أم تظل بدعة ـ إذا كانت كذلك في الأساس؟ علما بأن الإمام هذا أصلا يكون قد ذهب فلا يرى جماعتنا الثانية، وهل تدخل الدراسة ضمن الاعذار؟ وهل يرخص هنا بحديث: فارغا صحيحا ـ حيث لا يكون أحدنا حينئذ فارغا؟ لأن في حديث التحريق على المتخلفين ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم لو علموا بوجود طعام وليمة لذهبوا، وفي حالتنا هذه لو وجد أحدنا شيئا من متاع الدنيا ـ قياسا على الوليمة والطعام ما استطاع الذهاب! فهل هذا يجعل العذر ينطبق عليه القياس؟ أي أن العذر هو نفس العذر الذي يمنع من الوليمة أو غيرها من أمور الدنيا المحببة على الناس؟ بل واستدل البعض بأن ذهاب الرسول للتحريق يعني ترك الجماعة، ولا يحدث الرسول عليه الصلاة والسلام عن نفسه بإثم، فهل هذا القول له أي نوع من القوة؟ أم لا يجوز أصلا الاحتجاج به أو ذكره؟ ولكم بارك الله فيكم كلام على من يتأخر عمدا اعتمادا على اللحاق بجماعة ثانية، ولم تتفضلوا بأنه آثم ولو أنه ترك الأولى في الفتوى رقم: 35946، علما أيضا بأننا إذا وجدنا جماعة أصلا نصلي وراءهم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فزادكم الله حرصا على الخير ورغبة فيه، ثم اعلموا أن المفتى به عندنا أن الجماعة تصح في كل مكان ولا يشترط المسجد لفعلها وإن كان حضور الجماعات في المسجد أولى، وقد ناقشنا هذه المسألة بالتفصيل وعرضنا لأدلة الفريقين بما يمكنك مراجعته في الفتوى رقم: 150043، وفيها الجواب عن حديث: هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة.

والراجح كذلك ـ إن شاء الله ـ هو أن إعادة الجماعة في مسجد قد صلي فيه لا تكره مطلقا، وانظر الفتوى رقم: 117065.

ومن كره إعادة الجماعة في المسجد الذي صلي فيه فإنه يستثني من ذلك ما إذا كان المسجد في ممر الناس أو لم يكن له إمام راتب أو كان وأذن لهم في إعادتها، جاء في الموسوعة الفقهية: أما إذا كان المسجد يقع في سوق أو في ممر الناس، أو ليس له إمام راتب، أو له إمام راتب، ولكنه أذن للجماعة الثانية، فلا كراهة في الجماعة الثانية والثالثة وما زاد... انتهى.

وإذ الأمر كما وصفت من كون هذا المسجد في ممر الناس فلا حرج عليكم في إقامة جماعة ثانية أو ثالثة فيه ولا تحتاجون إلى استئذان الإمام، وإن كان المسجد في غير ممر الناس واستأذنتم إمامه في إعادة الجماعة جاز لكم إعادتها فيه من غير كراهة ـ كما مر ـ وإذا علمت ما تقدم فلا حرج عليكم في أن تصلوا جماعة في المدرسة، وقد يكون هذا أولى لمراعاة فضيلة أول الوقت، ولا حرج عليكم كذلك في أن تصلوا جماعة في المسجد المذكور والأمر واسع ـ والحمد لله ـ ولا ينبغي لكم أن تصلوا فرادى حرصا على فضيلة الجماعة وخروجا من خلاف من أوجبها، والقول بوجوب الجماعة هو المفتى به عندنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات