السؤال
في صلاة الفجر عندما كنت في الركعة الثانية وفي آخر آية من سورة الفاتحة راودني شك هل في الركعة الأولى وفي آخر آية من الفاتحة قلت بعد المغضوب كلمة عليهم أم لا، مع العلم أنني في كل الصلوات تقريبا يأتيني وسواس هل نسيت آية، وفي معظمها أرجح أنني أتيت بما أشك فيه، لأنني أشعر أنها وساوس وإن كنت غالبا ما أستجيب لها، لأنني أعاني من الوسواس، أما الشك الذي لا أرجح فيه أحد الأمرين فلست متأكدة إن كان يأتيني كل يوم أم لا، وهل كان يجب علي أن آتي بركعة بدل الأولى؟ وهل أعيد الصلاة؟ وفي حالة كان يجب علي أن آتي بركعة أخرى فمتى تكون؟ يعني هل مثلا لو صليت صلاة رباعية وحدث ذلك لا أقرا التشهد الأول وأعتبرها الركعة الأولى؟ وهل أعاني من الشك المستنكح؟ أم أنني طالما غالبا أكون مرجحة لأحد الأمرين حتى إن كان هذا يحدث كل يوم في كل الصلوات تقريبا لأنني أعاني من وسواس القراءة فيكون تركيزي للأسف على القراءة وليس على الخشوع أو التركيز فيما أقول.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الشك يأتي في كل الصلوات أو أغلبها فهو شك مستنكح فلا تلتفتي إليه سواء حصل في نسيان آية مثل الحالة المذكورة أوحصل في غير ذلك من الأركان والواجبات، وسواء كان يترجح لديك الصواب في بعض الأحيان أم لا، فإن ذلك لا يغير شيئا في حكم الشكوك الكثيرة، فقد نص أهل العلم على عدم اعتبارها وأمروا بالإعراض عنها، فليس عليك إعادة الصلاة ولا الإتيان بركعة أخرى بدل الركعة المشكوك في قراءتها، ففي فتاوى اللجنة الدائمة جوابا لسؤال جاء فيه: الذي يعتاده الشك كثيرا في الصلاة بماذا تنصحوه؟ ج4: ننصح من يعتاد الشك في صلاته ألا يلتفت إلى هذه الشكوك والوساوس وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فإنها من كيد الشيطان ووساوسه التي يعرض بها للمسلم ليفسد عليه صلاته أو ينقصها، وفي صحيح مسلم: أن عثمان بن أبي العاص ـ رضي الله عنه ـ قال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، قال: ذلك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا.
وفي مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: فإن كان كثير الشكوك، أو كان الشك عنده مجرد وهم لا أصل له، فإنه لا يعتبر بهذا الشك، لأن بعض الناس كلما صلى شك في الزيادة، أو النقص، أو في النية، أو في التكبير وما أشبه ذلك، فإذا كان هذا شأنه في جميع صلواته فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك، لأنه من الوسواس، والوسواس ربما يفسد على الإنسان عبادته إذا استمر معه. انتهى.
وقال أيضا: قال العلماء: إن الشكوك لا يلتفت إليها في ثلاث حالات:
الأولى: أن تكون مجرد وهم لا حقيقة له، فهذه مطرحة ولا يلتفت إليها إطلاقا.
الثانية: أن تكثر الشكوك، ويكون الإنسان كلما توضأ شك، وكلما صلى شك، وكلما فعل فعلا شك، فهذا أيضا يجب طرحه وعدم اعتباره.
الثالثة: إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة، فإنه لا يلتفت إليه ما لم يتيقن الأمر.
وحتى في حالة الشك العادية وهي إتيانه أحيانا فقد نص أهل العلم على عدم اعتبار الشك الطارئ بعد إتمام الفاتحة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 44845.
وللفائدة انظري الفتوى رقم: 22408.
ثم إننا ننصحك بتجاهل الوساوس كلها لا سيما منها ما يتعلق بالقراءة وليكن تركيزك على تدبر معاني القرآن واستشعار الخشوع في الصلاة بدلا من التركيزعلى القراءة فقط، فقد ذكر العلماء أن تركيز المصلي على القراءة وإغفاله تفهم القرآن والاتعاظ به من غرور الشيطان، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 172599.
والله أعلم.