السؤال
هل يستطيع المؤمن أن يدعو ربه دعاء مستحيلا، علما أن زكريا ـ عليه السلام ـ دعا الله سبحانه وتعالى دعاء مستحيلا؟ ودعائي هو أن يرزقني لله بجناحين، وهل أستطيع تمني المستحيل في الجنة؟.
هل يستطيع المؤمن أن يدعو ربه دعاء مستحيلا، علما أن زكريا ـ عليه السلام ـ دعا الله سبحانه وتعالى دعاء مستحيلا؟ ودعائي هو أن يرزقني لله بجناحين، وهل أستطيع تمني المستحيل في الجنة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء بخلاف ما أجرى الله تعالى عليه سننه في هذا الكون لا يجوز، ومن ذلك أن يكون للإنسان جناحان. فهذا وإن كان داخلا فيما يقدر الله تعالى عليه فهو اعتداء في الدعاء، لأن الله تعالى قد أجرى أمور الخلق في هذا الكون على سنن ثابتة، فلا ينبغي أن يسأل الله تعالى ما هو جار على خلاف هذه السنن الكونية، قال الله تعالى: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين {الأعراف: 55 }.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية: من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين أو يهب له ولدا من غير زوجة ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله. اهـ
وأما دعاء زكريا ـ عليه السلام ـ فليس فيه اعتداء، لأنه إنما سأل الله تعالى أن يرزقه الولد من زوجته على كبر سنه وعقم زوجته، وليس في هذا خلاف لما أجرى الله عليه سننه الكونية، وإن كان نادرا في الناس أن يولد للعاقر والشيخ الكبير.
وأما قولك: وهل أستطيع تمني المستحيل في الجنة: فجوابه أن المهم هو أن نعمل لدخول الجنة، لأن كل من دخل الجنة حصل فيها كل ما يتمناه وما يخطر بباله أو تشتهيه نفسه، كما قال الله تعالى: وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون {الزخرف: 71}. وقال تعالى: لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد {ق:35}.
والله أعلم.