السؤال
هل إذا استخرت الله أكثر من مرة وسألت 4 مشايخ للعمل في مصلحة بها شك فأجابوني بجواز العمل في هذه المصلحة وفي بعض الأحيان يكون قلبي غير مطمئن، فهل يعتبر هذا من سبيل الوسواس أم شيء آخر؟.
هل إذا استخرت الله أكثر من مرة وسألت 4 مشايخ للعمل في مصلحة بها شك فأجابوني بجواز العمل في هذه المصلحة وفي بعض الأحيان يكون قلبي غير مطمئن، فهل يعتبر هذا من سبيل الوسواس أم شيء آخر؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الاحتياط وترك المشتبهات أمر حسن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
وقال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
وهذا إنما يحمد إذا اشتبه الأمر حقيقة كأن يختلف أهل العلم المعتبرين فيقول بعضهم بالمنع لوجه يقتضي ذلك، وأما مجرد الأوهام فلا ينبغي التعويل عليها، لأنها مدعاة للوقوع في الوساوس، ولذا نبه العلماء على أن ما كان من الأمور البعيدة وما لا يكاد يعد شبهة فالالتفات إليه ضرب من الوسوسة، قال العيني: وأما ما يخرج إلى باب الوسوسة من تجويز الأمر البعيد فهذا ليس من المشتبهات المطلوب اجتنابها، وقد ذكر العلماء له أمثلة، فقالوا: هو ما يقتضيه تجويز أمر بعيد كترك النكاح من نساء بلد كبير خوفا أن يكون له فيها محرم، وترك استعمال ماء في فلاة لجواز عروض النجاسة، أو غسل ثوب مخافة طرؤ نجاسة عليه لم يشاهدها، إلى غير ذلك مما يشبهه، فهذا ليس من الورع.
وقال القرطبي: الورع في مثل هذا وسوسة شيطانية، إذ ليس فيها من معنى الشبهة شيء، وسبب الوقوع في ذلك عدم العلم بالمقاصد الشرعية. انتهى.
وقال المهلب: وليس بواجب أن يتبع الجوازات، لأن الأشياء مباحة حتى يقوم الدليل على الحظر، فالتنزه عن الشبهات لا يكون إلا فيما أشكل أمره ولا يدرى أحلال هو أم حرام واحتمل المعنيين ولا دليل على أحدهما. انتهى.
وأنت لم تبين لنا هذا العمل الذي تشك فيه لنفتيك فيما إذا كان تركه أولى أو لا، ولكن إن وجد دليل يقتضي المنع أو قال بالمنع بعض ثقات العلماء فهذا شبهة ينبغي تجنبها، وأما إن كان ذلك مجرد وهم في نفسك وتجويز لشيء قد يكون بعيدا أو لا أصل له فهو وسواس لا ينبغي لك الاسترسال معه.
والله أعلم.