0 467

السؤال

ماهو سبب خروج علي ومعاوية ـ رضي الله عنهما ـ بجيشيهما للقتال في موقعة الجمل وصفين رغم أن المسألة كان يمكن تجاوزها سلميا؟ وهل نسيا حرمة دم المسلم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن معتقد أهل السنة والجماعة الإمساك عما جرى بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والترضي عنهم جميعا، واعتقاد أنهم مجتهدون في طلب الحق، للمصيب منهم أجران، وللمخطئ أجر واحد، ولا ينبغي اعتماد ما امتلأت به كتب التاريخ من الأخبار المكذوبة التي تحط من قدر هؤلاء الأصحاب الأخيار، وتصور ما جرى بينهم على أنه نزاع شخصي أو دنيوي، وأنه هو الدافع الذي أدى إلى اقتتال الصحابة الأخيار ـ رضي الله عنهم ـ فحرب صفين أو معركة صفين هي تلك المعركة التي دارت بين جيش علي ـ رضي الله عنه ـ وجيش معاوية رضي الله عنه، بسبب الخلاف بينهما حول قتلة عثمان رضي الله عنه، فمعاوية وأصحابه كانوا يطالبون بدم عثمان والاقتصاص من قتلته, وعلي كان يطالبهم أولا بالبيعة له حتى تجتمع الكلمة على إمام واحد ثم تبحث قضية مقتل عثمان، وقد فصلنا القول فيما يجب على المسلم تجاهها في الفتويين رقم: 30222، ورقم: 38633.

وأما أن الصحابة ربما نسوا حرمة الدم المسلم فليس الأمر كذلك مع أنهم غير معصومين من الوقوع في الذنوب، غير أنهم أبر الناس قلوبا وأعمقهم فهما وأقلهم تكلفا وأصدقهم لهجة وأعظمهم تدينا واتباعا لأمر الله ورسوله، ولكن كان هذا هو قدر الله عليهم وهو لا بد أن يقع، وكان أمر الله قدرا مقدورا، ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد {البقرة:253{.

قال ابن تيمية: وأما قتال الصحابة فإنه لم يظهر فيه سرور، بل ظهر منهم الكآبة, وتمنوا ألا يقع, وشكر علي بعض الصحابة، وبرأ الفريقين من الكفر والنفاق, وأجاز الترحم على قتلى الطائفتين, وأمثال ذلك من الأمور التي يعرف بها اتفاق علي وغيره من الصحابة على أن كل واحدة من الطائفتين مؤمنة، وقد شهد القرآن بأن اقتتال المؤمنين لا يخرجهم عن الإيمان بقوله تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ـ فسماهم مؤمنين وجعلهم إخوة، مع وجود الاقتتال والبغي، والحديث المذكور: إذا اقتتل خليفتان فأحدهما ملعون ـ كذب مفترى لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث، ولا هو في شيء من دواوين الإسلام المعتمدة. اهـ.

 ولقد ضرب الصحابة في هذه الأمور التي وقعت بينهم أروع الأمثلة على الأخوة، وكيفية التعامل بين الطائفتين المتقاتلتين من المسلمين، فوضعوا الأسس والآداب الصحيحة للتعامل بين المسلمين عندما يقع قتال فيما بينهم، ولعل هذه إحدى الحكم والعلل التي تفسر لماذا وقع بينهم ما وقع.

وأما موقعة الجمل فلم تكن بين علي ومعاوية ـ رضي الله عنهما ـ وإنما كانت بين علي من جهة، وبين طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة من جهة أخرى، ولمعرفة حقيقة الأمر فيها راجع فتوانا رقم: 10605.  

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة