السؤال
كيف تكون الصلاة سرية أو جهرية؟ وهل تعني سرية أن تكون القرآءة في السر أم بتحريك الشفاه دون إخراج صوت؟ وعندما تكون الصلاة جهرية فأين تكون مواقع الجهر فيها؟ وهل التسبيح أثناء الركوع والسجود والتشهد جهري أم سري؟ والسلام بعد الانتهاء من الصلاة هل هو سري أم جهري؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى كون الصلاة سرية أن يقرأ المصلي فيها سرا، وحد الإسرار هنا عند الجمهور أن يسمع الشخص نفسه حيث لا مانع من ذلك، وقال بعض أهل العلم: تجزئ حركة اللسان فقط، جاء في الموسوعة الفقهية: واشترط الحنفية والشافعية والحنابلة لاعتبار القراءة أن يسمع القارئ نفسه، فلا تكفي حركة اللسان من غير إسماع، لأن مجرد حركة اللسان لا يسمى قراءة بلا صوت، لأن الكلام اسم لمسموع مفهوم، وهذا اختيار الهندواني والفضلي من الحنفية ورجحه المشايخ، واختار الكرخي عدم اعتبار السماع، لأن القراءة فعل اللسان وذلك بإقامة الحروف دون الصماخ، لأن السماع فعل السامع لا القارئ، وهو اختيار الشيخ تقي الدين من الحنابلة أيضا، ولم يشترط المالكية أن يسمع نفسه وتكفي عندهم حركة اللسان، أما إجراؤها على القلب دون تحريك اللسان فلا يكفي، لكن نصوا على أن إسماع نفسه أولى مراعاة لمذهب الجمهور. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 114664.
ومعنى كون الصلاة جهرية أن يجهر المصلي بالقراءة فيها، وأدنى درجات الجهر محل خلاف بين أهل العلم، أما أعلاه فلا حد له، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 24596.
وفي حال كون الصلاة جهرية فمواضع الجهر فيها سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 23768.
أما التسبيح في الركوع والسجود فيكون سرا، ولا حرج إذا جهر به المصلي جهرا خفيفا، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 42897.
وبخصوص السلام الذي تنتهي به الصلاة فإنه يستحب للإمام الجهر بالتسليمة الأولى أكثر من الثانية، جاء في المغني لابن قدامة: وقد روي عن أحمد ـ رحمه الله ـ أنه يجهر بالتسليمة الأولى، وتكون الثانية أخفى من الأولى، يعني بذلك في حق الإمام. انتهى.
أما المأموم فيجهر بالتسليمة الأولى فقط بحيث يسمع نفسه ومن يليه، أما التسليمة الثانية فيخفيها، ففي التاج والإكليل: وجهر بتسليمة التحليل فقط، روى ابن وهب عن مالك: يجهر المأموم بتسليمة التحليل جهرا يسمع من يليه، وروى علي: ويخفي السلام الثاني، الباجي: وجهه أن السلام الثاني رد فلا يستدعي بالجهر به ردا، والأول يقتضي الرد فلذلك جهر به. انتهى.
وفي مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: وأما المأموم فالمطلوب في حقه الجهر بتسليمة التحليل فقط، لأنها تستدعي الرد عليه، وأما غير التسليمة الأولى فالأحب فيه السر. انتهى.
ومن أهل العلم من ألحق المنفرد بالإمام في هذه المسألة، جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: ومن السنن جهر المصلي إماما كان أو مأموما بتسليمة التحليل ليعلم بخروجه من الصلاة، لئلا يقتدى به، ولأنه يستدعي بها الرد بخلاف السلام الثاني، لأنه رد فلا يستدعيه فلا يسن الجهر به، وانظر ما حكم الفذ، قال الحطاب: فإني لم أره الآن منقولا. انتهى.
قال العدوي في حاشيته معلقا على هذا الكلام: قوله: فإني لم أره منقولا، أقول: الظاهر أنه كالإمام، لأنه قابل لأن يقتدي به آخر فالعلة الأولى ظاهرة فيه. انتهى.
والله أعلم.