السؤال
أرجو الرد سريعا: قمت بإرسال سؤال من قبل أنني قد أغضبت الله مع زوجي وحدثت علاقة غير شرعية معه قبل زواجنا وقد تبت مما فعلت وأحببت زوجي ولكن حدثت مشكلة كبيرة بيني وبينه فقام برمي اليمين ثم أرجعني مرة أخرى وفضحني عند صديق له من باب الشكوى، وأنا أخاف أن أطلب الطلاق منه فيفضحني عند أهلي، فماذا أفعل، وهل معنى ذلك أن الله لم يقبل توبتي أم ماذا؟ فهو يسمعني كلاما قاسيا وأفعالا أقسى ولم يذكر أي شيء قد فعلته من أجله وأنا للأسف أحبه جدا، أفيدوني أفادكم الله فأنا أفكر في التخلص من حياتي لدفن سري معي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه غفور رحيم، فرحمته واسعة ومغفرته لا يتعاظمها ذنب، فمن أقبل إليه تائبا منيبا قبل توبته بمنه وكرمه سبحانه، فهو القائل: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى {طه:82}.
فأحسني الظن بربك، وأقبلي عليه بالطاعات وعمل الصالحات، وأكثري من ذكره وشكره واجتهدي في حسن عبادته. وما حدث لك من زوجك لا يلزم أن يكون علامة على عدم قبول توبتك، بل قد يكون مجرد ابتلاء، فإذا صبرت عليه كانت العاقبة رفعة الدرجات بإذن رب الأرض والسماوات، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبتلى بمختلف الابتلاءات، وهو من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فنوصيك بالصبر فهو عبادة الضراء، والزمي التضرع إلى الله وكثرة الدعاء فهو مجيب دعوة المضطر وكاشف الضر، قال تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون {النمل:62}.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 54967، 119608، 18103.
والزوج مأمور شرعا بأن يحسن عشرة زوجته وأن يستوصي بها خيرا، قال الله تعالى: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا {النساء:19}.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيرا.
فإذا كان زوجك يقسو عليك في معاملته، وفضحك عند صديقه -كما ذكرت- فهو مخالف لهذه التوجيهات الربانية ومسيء غاية الإساءة، ومما نرشدك إليه في هذا المقام مناصحته برفق وأسلوب طيب وتذكيره بالله تعالى وأليم عقابه، ويمكنك الاستعانة ببعض النصوص الدالة على الأمر بالستر على المسلمين والتحذير من الفضيحة، وقد ذكرنا جملة منها بالفتوى رقم 53043.
وأما قولك: فأنا أفكر في التخلص من حياتي لدفن سري معي ـ فالظاهر أنك تعنين به الانتحار، فإذا كان الأمر كذلك فهذا من تسويل الشيطان ونزغاته، وكيف يليق بمسلمة عاقلة مثلك أن تفكر في مثل هذا مجرد تفكير فضلا عن أن تقدم على التنفيذ فتخسر دنياها وأخراها، ولمعرفة ما ورد من الوعيد الشديد لمن قتل نفسه راجعي الفتوى رقم، 10397.
وإذا لم يرتدع زوجك عن سوء أفعاله ولم يستقم أمره، وكنت متضررة بالبقاء في عصمته فلك طلب الطلاق منه ولو في مقابل عوض تدفعينه إليه، ولا تتخوفي أو تحزني لكونه قد يفضحك عند أهلك أو غيرهم فقد لا يفعل، ولو أنه فعل فلا حرج عليك في الإنكار باستخدام المعاريض ـ أي التورية في الكلام ـ كما سبق وأن بينا بالفتوى رقم: 93348.
والله أعلم.