مذاهب العلماء في إخرج الحجارة من الحرم. وحكم الاحتفاظ بحجر من عرفات

0 280

السؤال

ذهب والد صديقي إلى الحج قبل ثلاثة أعوام وطلبنا منه تذكارا من هناك، فأتى لنا بحجر في حجم عقلة الإصبع من حجارة جبل عرفات كتذكار، ومنذ يومين كان يزورني أحد أقاربي وعلم بالأمر فقال لي إنه محرم أخذ أي شيء من الحرم حتى وإن كان حجرا مهملا وطلب مني إعادته إلى هناك مع أقرب مسافر، والسؤال: هل يجب على إعادة الحجر أم أبقي عليه معي؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن عرفات ليست من الحرم، بل هي خارج حدود الحرم, وأما حجارة الحرم فقد اختلف أهل العلم في جواز إخراجها من الحرم، فمنهم من منع ذلك وهم الحنابلة والشافعية, ومنهم من أجاز وهم الحنفية, قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل من الحل كذلك، قال ابن عمر وابن عباس: ولا يخرج من حجارة مكة إلى الحل، والخروج أشد.... اهـ.

وقال الماوردي الشافعي في الحاوي: فأما حجارة الحرم فيمنع من إخراجها من الحرم، وكذلك التراب والمدر، لما له من الحرمة المباينة لغيره... فإن أخرج من حجارة الحرم أو من ترابه شيئا فعليه رده إلى موضعه وإعادته إلى الحرم... اهـ.

وذهب الحنفية إلى جواز أخذ حجارة الحرم ونقلها إلى خارجه، كما جاء في المبسوط  للسرخسي: لا بأس بأخذ حجارة الحرم.... ولأن الانتفاع بالحجر في الحرم مباح، وما يجوز الانتفاع به في الحرم يجوز إخراجه من الحرم أيضا... اهـ.

والخلاصة أن حجارة عرفات ليست من الحرم.

ولكننا نقول للسائل: إن الاحتفاظ بشيء من حجارة عرفات للتذكار قد يفضي إلى تعظيمها والاعتقاد بأن لها مزية تستوجب التبرك بها ونحو ذلك من البدع التي قد يؤول أمر صاحبها إلى الوقوع في الشرك ـ والعياذ بالله ـ وليس هذا بمستغرب، فقد ذكر أهل السير كابن هشام وابن إسحاق وغيرهما: أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم حين ضاقت عليهم والتمسوا الفسح في البلاد إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم، فحيثما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وأعجبهم حتى خلف الخلوف ونسوا ما كانوا عليه واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات.

وعليه؛ فإننا ننصح الأخ السائل بعدم الاحتفاظ بتلك الحجارة.

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة