السؤال
ما الحكمة من نوم علي في فراش النبي صلى الله عليه وسلم؟ ألم يخف عليه من القتل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به علي ـ رضي الله عنه ـ أولا وقبل كل شيء هو امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفداؤه بالنفس، ووقايته من غدر الكفار ومكرهم، وهذا واجب كل مسلم، وليس التعرض للمخاوف وإلقاء النفس في المهالك في سبيل الله إلا من أخص الجهاد وأفضله، ثم إنه قد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال له: إنه لن يخلص إليك شيء تكرهه ـ وعلى هذا؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم علم أن عليا لن يقتل، وكان ذلك كله بتدبير الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، قال ابن العربي في أحكام القرآن: قام علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم فداء له، وخرج أبو بكر مع النبي مؤنسا له، وقد روي أن عليا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لن يخلص إليك ـ وهذا تأمين يقين، ويجب على الخلق أجمعين أن يقوا بأنفسهم النبي صلى الله عليه وسلم وأن يهلكوا أجمعين في نجاته، فلن يؤمن أحد حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأهله والخلق أجمعين، ومن وقى مسلما بنفسه فليس له جزاء إلا الجنة، وذلك جائز. انتهى.
وفي السيرة النبوية في ضوء القرآن للمؤلف، محمد بن محمد بن سويلم أبو شهبة: فلما كانت عتمة الليل اجتمع فتيان من قريش على بابه، وبيدهم السيوف المرهفة، ويتطاير من عيونهم شرر الغدر والمكيدة، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم، قال لعلي بن أبي طالب: نم على فراشي، وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فإنه لن يخلص إليك منهم شيء تكرهه ـ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده هذا إذا نام، فسمع علي لما أشار به رسول الله وأطاع طيبة بذلك نفسه، وبذلك كان أول فدائي شاب في الإسلام، فقد وقى رسول الله بنفسه، وهو يعلم أنه على قيد أذرع من سيوف المشركين ورماحهم، وكان هذا التدبير المحكم الذي أشار به جبريل عليه السلام مما لبس الأمر على المشركين المتربصين للنبي، فكانوا إذا نظروا من خلل الباب وجدوا النائم فيظنونه النبي، بينما هو الفتى الشجاع علي رضي الله عنه. انتهى.
والله أعلم.