السؤال
كيف نرد على شبهة الكفار بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عنصريا ـ والعياذ بالله ـ عندما قال إن الخليفة يجب أن يكون من قريش؟.
كيف نرد على شبهة الكفار بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عنصريا ـ والعياذ بالله ـ عندما قال إن الخليفة يجب أن يكون من قريش؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: الأئمة من قريش. رواه أحمد وصححه الأرنؤوط.
وفي لفظ: الأئمة من قريش ولهم عليكم حق ولكم مثل ذلك، ما إن استرحموا رحموا، وإن استحكموا عدلوا، وإن عاهدوا وفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل. صححه الألباني في صحيح الجامع.
وليس هذا بسبب العنصرية، وكل مواقف النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه تبرهن على انتفاء هذه العنصرية، وإنما كانت الخلافة في قريش لحكمة وبشروط، قال الدكتور عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي في كتابه الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة: الحكمة ـ فيما أرى والله أعلم ـ أن قريشا هي أفضل قبائل العرب بنص الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، رواه مسلم ـ فالعرب في الأجناس وقريش في العرب مظنة أن يكون فيهم الخير أعظم مما يوجد في غيرهم، ولهذا كان منهم أشرف خلق الله تعالى صلى الله عليه وسلم الذي لا يماثله أحد في قريش، فضلا عن وجوده في سائر العرب وغير العرب، وكان منهم الخلفاء الراشدون، وسائر العشرة المبشرين بالجنة ـ رضي الله عنهم ـ وغيرهم ممن لا يوجد له نظير في العرب وغير العرب، وكان في العرب السابقون الأولون ممن لا يوجد لهم نظير في سائر الأجناس، فلا بد أن يوجد في الصنف الأفضل ما لا يوجد مثله في المفضول، فمظنة وجود الفضلاء في قريش أكثر من مظنة وجودهم في غيرها، ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم بني هاشم دون غيرهم من قريش وهم أفضل بطون قريش، لأنها بطن من قبيلة فعددها محصور وقليل، فلا يلزم أن يكون الفضلاء فيها، كما أن أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فيهم، وإنما في بني تيم وهو أبو بكر، ثم عمر من بني عدي، ثم عثمان من بني أمية، ثم علي من بني هاشم....... ومن الحكمة أيضا أن الله سبحانه وتعالى قد ميزهم عن غيرهم من سائر القبائل بقوة النبل وسداد الرأي، وهما صفتان هامتان وضروريتان للإمام، يدل على ذلك الحديث الذي رواه أحمد بسنده عن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للقرشي مثلي قوة الرجل من غير قريش، فقيل للزهري: ما عنى بذلك؟ قال: نبل الرأي، رواه أحمد في مسنده، قال عنه السبكي: إسناده صحيح، كما في طبقات الشافعية الكبرى ـ1ـ191ـ انتهى بتصرف يسير جدا.
ثم إن هذا الأمر مقيد، بتمسكهم بالشرع وقيامهم بالعدل، فإذا لم يقم الخليفة شرع الله تعالى فإنه يعزل، قرشيا كان أوغيره، وانظر ماذا قال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ القرشي في خطبته بعد أن ولي الخلافة: يا أيها الناس؛ إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن ضعفت فقوموني، وإن أحسنت فأعينوني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه ـ إن شاء الله ـ والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق ـ إن شاء الله ـ لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر، ولا ظهرت ـ أو قال: شاعت ـ الفاحشة في قوم إلا عممهم البلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم. رواه عبد الرزاق في مصنفه.
والله أعلم.