السؤال
اشتركت مع صديق لي، واستأجرنا محلا دون عقد ودون كتابة، ودفعنا لصاحب المحل نصف الأجرة السنوية، على أن نكمل المبلغ حين تبدأ الإيرادات، ولا أعلم الكثير من التفاصيل إذ كانت كل الأمور بيد شريكي.
بعد ثلاثة أشهر وجدنا أن العمل لا يحقق مردودا كافيا ولا يكاد يكافئ المصاريف، وقررنا أن نترك المحل على أن نسترجع ما بقي لنا مع صاحب المحل. وكنت قد قلت لشريكي إني لا أريد أن أستمر في الشراكة معه، ووعدني أن يعيد لي حصتي من رأس المال. ولا أعلم تماما ما حصل بين شريكي وصاحب المحل، إلا أن شريكي أوحى إلي أن صاحب المحل قد ظلمه وأكل حقه، وأننا لن نستعيد مالنا إلا إذا ضمناه بيدنا، فاتفقنا أن نأخذ كل ما في المحل من معدات وتجهيزات، لنجبر صاحب المحل على شروطنا، رغم أنها إن بيعت لا تساوي أجرة الأشهر الثلاثة الباقية. وساعدت شريكي على هذا، وأخذ كل ما في المحل معه ومضى.
الآن بت أشعر أن ما فعلت ليس بصواب، وأننا أخطأنا بهذا، علما أني ليس معي مفتاح المحل، ولا تجهيزاته ولا رأس مالي.
فما وضع المال الذي سيعيده لي صديقي أهو حلال أم حرام؟ وكيف علينا أن نحل الآن هذه المشكلة ولمن الحق؟ والمحل مغلق وخاو من شهرين، وصاحبه يتصل بي باستمرار مطالبا ببقية حقه، ولا أرد عليه وصديقي يريد بقية المال ويحتفظ بالمعدات؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد الإجارة عقد لازم كما ذكر جمهور الفقهاء، وعليه.. فليس لواحد من طرفي العقد فسخه دون رضى الآخر . ويترتب على ذلك ملك المؤجر للأجرة، وملك المستأجر للمنفعة، وأنه لا ينحل عقد الإجارة إلا بانتهاء المدة، أو بانقضاء الغرض المستأجر له العين في بعض الحالات، أو بوجود سبب من أسباب فسخه. وقد اختلف الفقهاء في فسخ الإجارة للعذر، وقد بينا أقوالهم في الفتوى رقم: 46107
ولذلك فإن مقدم الإيجار الذي دفعتماه يملكه المؤجر، وكذلك أجرة المدة المتبقية من السنة، لأن العقد بينكما وقع على سنة كاملة كما اتضح من السؤال، ولكما منفعة المحل ما بقي من المدة التي وقع التعاقد عليها. ويمكنكما استيفاء المنفعة بأنفسكما، أو تأجير المحل لغيركما في تلك المدة الباقية، إلا أن يتم فسخ العقد بينكما وبين صاحب المحل في بقية المدة .
وما اعتديتما عليه من الأغراض التي هي ملك لصاحب المحل يلزمكما ردها إليه. وإعانتك لصاحبك على الاعتداء يجعلك شريكا في الإثم والضمان، ولو لم تكن أخذت شيئا من الأغراض لنفسك.
قال صاحب منح الجليل، نقلا عن ابن رشد: إذا اجتمع القوم في الغصب، أو السرقة، أو الحرابة فكل واحد منهم ضامن بجميع ما أخذوه، لأن بعضهم قوى بعضا، كالقوم المجتمعين على قتل رجل فيقتلون به جميعا، وإن ولي القتل أحدهم وحده. انتهى.
والله أعلم