السؤال
قال تعالى حاكيا عن سليمان: رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي.
الإشكال لماذا قال: لا ينبغي لأحد من بعدي، مع أن المسلم يتمنى أن يتعدى الخير إلى غيره؟ فلماذا قصر الملك والخير على شخصه عليه السلام، وتمنى أن لا ينال أحد من بعده مثله؟
قال تعالى حاكيا عن سليمان: رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي.
الإشكال لماذا قال: لا ينبغي لأحد من بعدي، مع أن المسلم يتمنى أن يتعدى الخير إلى غيره؟ فلماذا قصر الملك والخير على شخصه عليه السلام، وتمنى أن لا ينال أحد من بعده مثله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
ذكر المفسرون أوجها في إيضاح هذا الدعاء الذي دعا به سليمان -عليه السلام-، ومن أجمع كلامهم ما ذكره الزمخشري -رحمه الله- في تفسيره قال: كان سليمان عليه السلام ناشئا في بيت الملك والنبوة ووارثا لهما، فأراد أن يطلب من ربه معجزة، فطلب على حسب إلفه ملكا زائدا على الممالك زيادة خارقة للعادة بالغة حد الإعجاز، ليكون ذلك دليلا على نبوته، قاهرا للمبعوث إليهم، ولن يكون معجزة حتى يخرق العادات، فذلك معنى قوله: (لا ينبغي لأحد من بعدي) [ص :35] وقيل: كان ملكا عظيما، فخاف أن يعطى مثله أحد، فلا يحافظ على حدود الله فيه، كما قالت الملائكة: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) [البقرة: 30]، وقيل: ملكا لا أسلبه، ولا يقوم فيه غيري مقامي. ويجوز أن يقال: علم الله فيما اختصه به من ذلك الملك العظيم مصالح في الدين، وعلم أنه لا يضطلع بأعبائه غيره، وأوجبت الحكمة استيهابه، فأمره أن يستوهبه بأمر من الله على الصفة التي علم الله أن لا يضبطه عليها إلا هو وحده دون سائر عباده. أو أراد أن يقول: ملكا عظيما فقال: (لا ينبغي لأحد من بعدي) ولم يقصد بذلك إلا عظمة الملك وسعته، كما تقول: لفلان ما ليس لأحد من الفضل والمال، وربما كان للناس أمثال ذلك، ولكنك تريد تعظيم ما عنده. انتهى.
والله أعلم.