السؤال
أنا إنسان على الظاهر أصلي وأصوم أسال الله أن يرحم ضعفي ويتقبل مني القليل ولكن هناك فعل لم أرض عنه وهو لا أتحكم من النظر على صور عارية وأفلام خليعة ما حكم عبادتي وصلاتي هل هذا الفعل له أثر على صلاح أو فساد أولادي في المستقبل علما بأنني أب لـ 4 أطفال ثم أسألكم بالله أول ما تقرؤوا رسالتى أن تدعوا الله لي بالثبات على الحق وأن يتوفاني وهو راض عني ولا يأخذني ويقبض روحي على المعصية وهذا الفعل لا يعرفه أحد من المخلوقات إلا الخالق وهو رحمته أوسع من ذنوبى أرجو إجابة شافية ومفصلة جزاكم الله خيرا على ماتقومون به وجعل الله تلك الأعمال الطيبة في ميزان حسناتكم يوم العرض والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخفى ما لإطلاق النظر في المحرمات من مفاسد على دين المسلم وعرضه، وخلقه، يقول الإمام ابن الجوزي -رحمه الله-: وليحذر العاقل إطلاق البصر، فإن العين ترى غير المقدور عليه على ما هو عليه، وربما وقع من ذلك العشق فيهلك البدن والدين، فمن ابتلي بشيء من ذلك فليفكر في عيوب النساء.
وقال أيضا: واعلم أن أصل العشق إطلاق البصر وكما يخاف على الرجل من ذلك ... يخاف على المرأة. وقد ذهب دين خلق كثير من المتعبدين بإطلاق البصر وما جلبه، فليحذر من ذلك. انتهى من كتاب أحكام المرأة لابن الجوزي صـ265 بتحقيق د. المحمدي.
ونحن بدورنا نحذر الأخ السائل من إطلاق بصره في النظر إلى الصور العارية والأفلام الخليعة، حفاظا على دينه أن يذهب. وليعلم أن هذه المحاسبة لنفسه التي يجدها اليوم قد لا يجدها إذا تطاول عليه الأمر وهو واقع في ما ذكر، وهذا ما حذرنا الله منه بقوله:ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون [الحديد:16].
فإن النظر إلى العورات المحرمة فيه إفساد للقلب والخلق وهو ذريعة إلى الزنا والفجور، ولهذا لما أمر الله المؤمنين بغض أبصارهم أتبع ذلك بالأمر بحفظ الفرج، فقال:قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم [لنور:30].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: والعينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما السمع.. إلى أن قال: والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. رواه البخاري.
ولله در القائل:
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها == فتك السهام بلا قوس ولا وتر
كل الحوادث مبدأها من النظر == ومعظم النار من مستصغر الشرر
هذا وليعلم السائل أنه مادام مصرا على مشاهدة هذه المحرمات فإنه متعرض للعقوبة الإلهية فلا يأمن أن تبغته في أي ساعة في نفسه أو ماله أو أهله، شأنه شأن كل مصر على معصية الله، قال تعالى:أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون*أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين*أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم [النحل:45-47]. لكن الله تعالى لا يعاجل بل يمهل رأفة ورحمة بعباده، ويقول تعالى:وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير [الشورى:3].
فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. أما سؤالك عن عباداتك وصلاتك؟ فإن كانت مستكملة الأركان والشروط، فقد برئت ذمتك، أما قبولها فأمره إلى الله تعالى. وعليك أن تعلم أنه قد قال:إنما يتقبل الله من المتقين [المائدة:27]. وقال:إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [العنكبوت:45].
والله أعلم.