السؤال
للأسف الشديد كنت أشاهد المحرمات, وأمارس العادة السرية, ولم يكن من سبيل للتغلب عليها إلا بالحلف بالله أن لا أعود إليها, وبعد فترة أعود وأكفر عن يميني, وأحيانا كثيرة لا أكفر, وأكتب عدد الأيمان التي لم أكفر عنها بعد كل مرة أحلف ثم أحنث, وأحيانا أغضب من نفسي فأشدد عليها بأنها إن شاهدت المحرمات أو مارست العادة السرية فعلي أن أصوم 10 أيام, أو أتصدق بمبلغ معين, وكثيرا ما أصوم وأتصدق, وقليلا ما لم أصم أو أتصدق, وأقول لنفسي: كفر كفارة يمين إلى أن صار العدد كبيرا فماذا أفعل؟ وهل يجوز أن أخرج كفارة واحدة أم يجب أن أخرج كفارات بعدد الأيمان؟ علما بأنها كلها على هذين الشيئين, وهل يجوز إطعام مسكين واحد ما يكفي لاثنين لكي أكمل العشرة مساكين؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لك أن تكثر من الحلف؛ فإن كثرة الحلف مذمومة شرعا؛ قال الله تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم {البقرة:224}، وقال تعالى: واحفظوا أيمانكم {المائدة:89}،وعليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا مما مضى, وتعقد العزم الجازم على الكف عما حرم الله تعالى, وعدم العودة إليه فيما بقي من عمرك؛ فإن ترك المعصية واجب بالأصل ـ كما تعلم ـ ويتأكد بالحلف عليه, ولمعرفة بعض وسائل التخلص من العادة السرية انظر الفتوى رقم: 7170.
وما حنثت فيه ولم تكفر عنه؛ فإن كانت اليمين فيه واحدة أو تكررت بقصد التأكيد؛ فإن عليك أن تكفر كفارة يمين واحدة، سواء كان الحنث بفعل كل ذلك أو بفعل بعضه؛ فقد نص أهل العلم على أن من كرر اليمين بقصد التأكيد لا تلزمه إلا كفارة واحدة، كما نصوا على أن من حلف على أمور مختلفة بيمين واحدة أن عليه بالحنث كفارة واحدة وتنحل بها يمينه, جاء في الموسوعة الفقهية: "ذهب الفقهاء إلى أن من حلف على أمور شتى بيمين واحدة فكفارته كفارة يمين واحدة، كما لو قال: والله لن آكل ولن أشرب ولن ألبس، فحنث في الجميع فكفارته واحدة؛ لأن اليمين واحدة والحنث واحد، فإنه بفعل واحد من المحلوف عليه يحنث وتنحل اليمين", أما إذا كنت حلفت على كل شيء من ذلك حلفا مستقلا، أو كررت اليمين بقصد التأسيس واستئناف الحلف؛ فإن عليك أن تكفر عن كل يمين كفارة, وانظر الفتوى: 160779, وكذلك إذا كنت حلفت ثانية بعد الحنث في اليمين الأولى فإن عليك في كل يمين حنثت فيها كفارة مستقلة, وانظر الفتوى: 58227، والفتوى رقم: 136540.
ولا يصح أن تعطي في الكفارة طعام اثنين أو أكثر لمسكين واحد عند الجمهور؛ لأن الكفارة لا بد فيها من استيعاب العدد المذكور في قول الله تعالى: فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم... {المائدة:89}، ولكن لا حرج في أن تطعم كل يوم واحدا أو أكثر، أو من وقت لآخر حتى تكمل العشرة, وانظر الفتوى: 98092 , كما أنه لا حرج في أن تطعم عن كفارتين أو أكثر نفس المساكين الذين أطعمتهم عن الكفارة الأولى.
والله أعلم.