السؤال
قال تعالى: "الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور" (الملك:3), هل صحيح أن السبع السماوات هن طبقات الغلاف الجوي السبع للأرض كما في الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=M4T4uD7sjBk ،بالتوقيت 3:46؟
وإذا كان تفسيرا خاطئا ، فما هي السبع السماوات؟ وبماذا أجيب الملحدين إذا سألوني؟
وشكرا على الموقع وعلى الفرصة التي تقدمونها لنا للاستفسار, بارك الله فيكم, ووفقكم, وجزاكم خيرا, وثبتنا وإياكم على الحق.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية لابد من الإشارة إلى اختلاف العلماء المعاصرين في عدد طبقات الغلاف الجوي، فمنهم من عدها خمسة، ومنهم من أوصلها إلى تسعة! ثم إنها طبقات متداخلة, وليس بينها حد فاصل يمايز بعضها عن بعض, جاء في الموسوعة الحرة: يتكون الغلاف الجوي من ست طبقات رئيسية تتداخل في بعضها مما يجعل الفصل بينها غير ممكن تقريبا اهـ, وهذا وحده كاف في الرد على من يفسر السموات السبع بطبقات الغلاف الجوي.
وأما من ناحية النصوص الشرعية: فقد ورد ما يدل على أن السماء ليست هواء ولا فضاء، وإنما هي بناء متين محكم، قال تعالى: {الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء} [البقرة: 22] وقال سبحانه: {الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء} [غافر: 64] وقال: {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج} [ق: 6] وقال: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} [الذاريات: 47] وقال: {وبنينا فوقكم سبعا شدادا} [النبأ: 12] وقال: {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها} [النازعات: 27 - 29] وقال: {والسماء وما بناها} الشمس: 5], ومما يؤكد هذا: حديث المعراج، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبا به فنعم المجيء جاء, ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم ..." متفق عليه, وذكر بعض من في بقية السموات من الأنبياء, وهذا واضح في أن السموات مبنية بناء محكما، وأن فيها سكانا من الملائكة، وأن لها أبوابا، كما يدل عليه قوله تعالى: {إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء} [الأعراف: 40], وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم". متفق عليه, وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 122009.
وأما السموات السبع: فلا نعلم عنها إلا ما جاءت به النصوص، وما عدا ذلك فهو من الغيب الذي نكل علمه إلى الله تعالى, ويكفينا أن نتذكر ما قرره العلماء المتخصصون من أن الجزء المنظور من الكون على ضخامته واتساعه الهائل لا يمثل شيئا بالنسبة للجزء غير المنظور منه, وهذا كله في السماء الدنيا فما بالنا بالسموات السبع! وراجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 41493، 127041، 128648.
وعلى ذلك فمحاورة الملحدين في هذا الجانب لا يختلف كثيرا عن محاورتهم في بقية قضايا الغيب، فالأصل أن نثبت وجود الله تعالى واتصافه بالكمال المطلق، ثم نثبت قضية الرسل والرسالات، بحيث يكون ذلك هو الأصل الذي يعتمد عليه في تناول قضايا الغيب التي جاء خبرها في نصوص الوحي, ويمكنك الرجوع لكتاب كيفية دعوة الملحدين إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة للدكتور سعيد بن علي القحطاني, وهو موجود على موقع المكتبة الشاملة.
والله أعلم.