الفرق بين معاملة حائز المال المحرم لذاته والمحرم لكسبه

0 288

السؤال

إذا كانت الحرمة تتعلق بالذمة وليس بعين المال, فلماذا يقول الفقهاء بجواز التعامل مع الرجل إذا كان ماله من مصدرين حلال وحرام, وعدم جواز ذلك مع من كان ماله من مصدر واحد حرام إذا كان عين ماله ليس حراما؟ فلو بعت له شيئا وأخذت من ماله وأنا أعرف أنه أخذه من حرام فالحرمة لا تتعلق بالمال وإنما بذمته.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالمال الحرام منه ما هو محرم لذاته وهو المأخوذ دون رضى صاحبه كالمسروق والمغصوب ، وهذا لا تجوز معاملة حائزه فيه؛ لأنه عين المغصوب والمسروق من صاحبه, فالمعاملة فيه اعتداء عليه, وتفويت له على صاحبه فلا تجوز, وأما ما كان مأخوذا برضى صاحبه لكن بالعقود المحرمة كعقود الربا والقمار فهو محرم لكسبه فإنه تجوز معاملة حائزه فيه على الوجوه المباحة كالشراكة أو البيع أو استيفاء أجرة منه أو نحو ذلك، وإنما قلنا بجواز معاملته فيه لأن المال المكتسب بعقد محرم تتعلق حرمته بذمة المكتسب لا بعين المال، بمعنى أن الحرمة تتعلق بسبب اكتسابه, ولا تنتقل مع انتقال المال إلى الآخرين بأسباب أخرى مباحة شرعا.

وعليه فإن من عامل الغاصب أو السارق في المال المغصوب وهو يعلم فإنه يكون مثله في الإثم والضمان, قال ابن رشد: وسواء كان له مال سواه أو لم يكن لا يحل أن يشتريه منه إن كان عرضا, ولا يبايعه فيه إن كان عينا, ولا يأكل منه إن كان طعاما، ولا يقبل شيئا من ذلك هبة... ومن فعل شيئا من ذلك وهو عالم كان سبيله سبيل الغاصب في جميع أحواله. فتاوى ابن رشد 1/645, ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية: فمن علمت أنه سرق مالا، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهرا بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل, ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم, لكن إن كان ذلك الرجل معروفا - بأن في ماله حراما - ترك معاملته ورعا، وإن كان أكثر ماله حراما ففيه نزاع بين العلماء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة